وقوع الكراهة وعدم تمكن هؤلاء المتخلفين عن السقيفة من ترك المبايعة ، فلا تكون بالموافقة الحاصلة منهم وإنما هي بالكراهة، فلا تكون حجة بالإجماع.
فقال: هذه الروايات من طرقكم، فلا تكون حجة علينا.
فقلت: سلمنا، ولكن منها ما يكون من طرقكم كرواية ابن أبي الحديد مع أن احتمال الإكراه غير مندفع بحجة من عندكم، والدليل قاطع فيبقى احتمال الكراهة بحاله فحينئذ لا يحصل الإجماع المدعى حصوله فلا تقوم لك الدلالة على الواسطة فأت بغيرها إن كان لك حجة قاطعة على مدعاك وإلا فاعترف ببطلانها.
فقال: هاهنا حجة.
فقلت: وما هي؟
فقال: أمر النبي - صلى الله عليه وآله - بالصلاة خلف أبي بكر في مرض موته (1) وذلك دليل على تقديمه له على سائر أصحابه لأن المقدم في الصلاة يقدم في غيرها إذ لا قائل بالفرق.
فقلت: هذه حجة ضعيفة جدا.
أما أولا: فلأنه لو كان التقديم صحيحا كما زعمت وكان مع صحته دالا على إمامته لكان ذلك نصا من النبي صلى الله عليه وآله بالإمامة، ومتى حصل النص لا يحتاج معه إلى غيره فكيف وأبو بكر وأصحاب السقيفة لم يجعلوا ذلك دليلا على إمامته، وكيف أبو بكر وعمر لم يحتجوا به على الأنصار وكيف توقفت الخلافة على المبايعة التي حصل عليهم فيها