بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها، أفتقول هذا يا ضرار أن التكليف عن الناس مرفوع بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ قال: لا أقول هذا.
قال هشام: فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون قد استحالوا بعد الرسول علماء، في مثل حد الرسول في العلم، حتى لا يحتاج أحد إلى أحد فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه أفتقول هذا، أن الناس قد استحالوا علماء، حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد، مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق؟
قال: لا أقول هذا، ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم.
قال: فبقي الوجه الثالث لأنه لا بد لهم من علم يقيمه الرسول لهم لا يسهو ولا يغلط، ولا يحيف (1)، معصوم من الذنوب، مبرأ من الخطايا، يحتاج إليه ولا يحتاج إلى أحد.
قال: فما الدليل عليه؟
قال هشام: ثمان دلالات أربع في نعت نسبه، وأربع في نعت نفسه.
فأما الأربع التي في نعت نسبه: بأن يكون معروف الجنس، معروف القبيلة، معروف البيت، وأن يكون من صاحب الملة والدعوة إليه إشارة، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب، الذين منهم صاحب الملة والدعوة، الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فتصل دعوته إلى كل بر