قال أفرأيت لو قال ما أدري هذه السورة من القرآن أم لا أكان عندك كافرا؟
قلت: بلى.
قال: أرى فضل الرجل يتأكد، خبروني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي (1) أصحيح عندك؟
قلت: بلى.
قال: بان والله عنادك، لا يخلو هذا من أن يكون كما دعاه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه، وكان المفضول أحب إليه، أو تزعم أن الله لم يعرف الفاضل من المفضول، فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به؟
قال إسحاق: فأطرقت ساعة، ثم قلت: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول في أبي بكر: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (2)، فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فقال المأمون: سبحان الله ما أقل علمك باللغة والكتاب! أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن؟ فأي فضيلة في هذا، أما سمعت قول الله تعالى:
(قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) (3)، فقد جعله الله له صاحبا، وقال الهذلي شعرا:
ولقد غدوت وصاحبي وحشية * تحت الرداء بصيرة بالمشرق