أولئك المشتهرين في الفضل والعلم والشرف والزهد مع أن الإجماع لا ينعقد عند الكل إلا باتفاق أهل الحل والعقد فدعوى الإجماع حينئذ على خلافته بعيدة.
فقال: ما ذكرته مسلم، ولكن من ذكرت من الأصحاب وغيرهم بعد ذلك بايعوا ورضوا فحصل الإجماع من الكل بحيث لا يخالف في ذلك أحد وإن لم يكن إيقاعهم دفعة فإن ذلك غير شرط في الإجماع.
فقلت: إن اتفاقهم وحصول رضاهم بعد ذلك كما زعمت لا يقوم حجة لتطرق الاحتمال فيه بالإجبار والإكراه والتقية، فإنهم لما رأوا هؤلاء العامة والرعاع الذين يميلون عند كل ناعق ولا يستضيئون بضوء العلم قد استمالهم الرجل وخدعهم وصاروا أتباعا له، وقلدوه في أمورهم، وقلدوا كبراءهم في اتباعه لم يمكن لهؤلاء الباقين المخالفة لهذه العوام وخافوا على أنفسهم من الخلاف عليهم والقتل فانقادوا كرها، فلا يكون انقيادهم الحاصل بالإكراه مصححا للإجماع بل دل على عدم صحته.
فقال: ومن أين عرفت ذلك منهم حتى يكون ما ذكرت حقا؟
فقلت: قد تقرر في علم الميزان أن الاحتمال إذا قام على الدليل بطل، واحتمال الإكراه قد قام في هذا الإجماع فيكون باطلا مع أنه قد ظهرت إمارات الإكراه في روايات كثيرة وأنا أورد لك بعضها، منها:
الأول: ما ورد من ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1) مع أنه عامي المذهب، فقال: في باب فضائل عمر: إن عمر هو الذي وطأ الأمر لأبي بكر، وقام فيه حتى أنه دفع في صدر المقداد، وكسر سيف الزبير،