الخلفاء الثلاثة وهم الأقل، وأما المشايخ القائلون بتفضيل الثلاثة فما عذرهم مع أنهم الأكثر، والسواد الأعظم فأحد الأمرين لازم، إما الطعن على علي - عليه السلام - بتظلمه ممن ليس ظالما له، وإما الطعن عليهم بأنهم أخذوا حقه ظلما.
فقال: ابن أبي الحديد ليس منا بل من الشيعة!!
فقلت له: هذا يدل على عدم اطلاعك بأحوال الرجال، فإن ابن أبي الحديد مشهور بالاعتزال، وهو من مشايخ المعتزلة ومشاهيرهم وله مصنفات حكى فيها مذهبه وأشعار (1) وكذلك، فاعترف بذلك أنه معتزلي.
ثم قال: دعني حتى أتروى في هذه الخطبة، فأخذت له نهج البلاغة وأخرجت له الخطبة منه، فأخذ نهج البلاغة مني فطالع فيها ساعة، ثم قال:
إني لا أترك مذهبي واعتقادي في هؤلاء الثلاثة بمجرد هذه الخطبة.
فقلت: إذن أنت مكابر الحق!!
ثم إنه قال: فما ظنك في مثل الشيخ فخر الدين الرازي، وأثير الدين الأبهري، وجار الله العلامة الزمخشري، وسعد الدين التفتازاني، والسمرقندي، والأصفهاني، وغيرهم من العلماء المدرسين ملأت مصنفاتهم الآفاق، وشاع ذكرهم في جميع الأمصار كلهم على ضلال، لولا أن لهم على ما ذهبوا إليه دلائل ثابتة، وبراهين واضحة لما ثبتوا على هذا المذهب، ولا اعتقدوا خلافة هؤلاء الثلاثة ولكن لما ثبت عندهم بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة اعتقدوا ذلك وأثبتوه في مصنفاتهم وقرروه