فقال: يمكن أن يكون ترك الدفع تقية.
فقلت: هذا الكلام غير مسموع، أما أولا فلأنه - عليه السلام - في تلك الحالة كثير الأتباع، قليل الأعداء، وجميع المسلمين يستطلعون رأيه، ولم يكن هناك أحد ممن يعدلونه به وكان قوله مسموعا عندهم.
وأما ثانيا: فلأنه ترك بعد قتله ثلاثة أيام لم يدفن فهلا كان أمر بدفنه في تلك المدة، وما ذاك إلا أنه غير مستحق للدفن.
وأما ثالثا: فلأنه كان الخليفة بعد قتله، فلم لا أقاد قاتليه لوارثه، وقتلهم به مع تمكنه من ذلك.
فقال: إني أحب أن تترك البحث في هؤلاء الثلاثة إلى غيرهم من بقية الخلفاء.
فقلت له: إنهم الأساس، فلا يصح العدول عنهم حتى يتحقق عندك ما كانوا عليه وقد أوضحت لك طريقتهم، ثم إني أسهل عليك الطريق، ألم تعتقد أن عليا - عليه السلام - في غاية ما يكون من الصفات المحمودة، والعدالة المطلقة، وأنه ليس لطاعن عليه سبيل.
فقال: بلى أعتقد ذلك وأدين الله به.
فقلت: ما تقول في شكايته منهم وتظلمه ونسبتهم إلى غصب حقه (1)، والتغلب عليه، أليس يكون قادحا لعدالتهم، ومبطلا لخلافتهم إذ لا يصح التظلم والشكاية ممن لم يفعل معه ما يوجب ذلك.
فقال: بلى إن ثبت ذلك.
فقلت: قد نقل ذلك عن علي - عليه السلام - نقلا متواترا لا يختلف