ومجدلا للأقران والأمثال، وعالما بقواعد الحرب، وضوابط القتل والضرب.
وكان ممن يبتغي مرضاتك ولا يتساهل في خدماتك، ويقول بساستك ويعترف برئاستك، لا يقول إلا ما قلت، ولا يحكم إلا ما حكمت ولا يسلك إلا سبيلك، ولا يرى إلا دليلك بل قد جربته في الغزوات، ودريت أنه لا يخاف المهلكات ورأيته بذل لك الروح، وأظهر لك الظفر والفتوح، وعلمت أنه صاحب العزم، وتيقنت أنه ثابت الجزم، وعاينت استقرار سلطنتك من عضده واهتمامه، وشاهدت جلالتك من ساعده ويده وصمصامه، هل تجعله أميرا لعسكرك، وأمينا لضبط أمرك؟
قال: لا شك في ذلك، بل أجعله صاحب اختيار رعيتي وأهلي وأقاربي في كل المواقف والمسالك.
قلت: هل يمكن أن تدعه مهملا، وتجعله عن السلطنة عاطلا، إذا ظهرت آثار موتك، وبلغ زمان فوتك، ولا تجعله نائبك وخليفتك ولا تشيد أركان نيابته، وصرح خلافته، ما دام لك شعور، ولا تهوى أن تكون السلطنة في سلالتك، ولا تشتهي أن تكون الرئاسة في أعقابك؟
قال: كلا وحاشا إلا أن أكون سفيها أو مجنونا!!
قال: بل أجعله نائبي ووصيي وخليفتي، والتزم من أهل مملكتي، أن يصدقوا نيابته ويعترفوا برئاسته، ويقروا بعد وفاتي سلطته، بل في حال حياتي لأني مأمون من مخالفته من جميع الوجوه وقاطع باستحقاقه إياها وأظهر جلالته عند العباد وأبدي سلطنته، في البلاد، وأسعى في إعلائه وارتفاعه ووجوب رئاسته وقبول اتباعه، من الأداني والأقاصي، ومن الأذناب والنواصي، ومن المطيع والعاصي.