كان عليه نص، لقال عوض ذلك: (وأنا المنصوص علي، المخطوب باسمي).
فقال - رحمه الله -: إنما أتاه من حيث يعلم، لا من حيث يجهل، ألا ترى أنه سأله، فقال: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام، وأنتم أحق به؟
فهو إنما سأل عن دفعهم عنه، وهم أحق به من جهة اللحمة والعترة، ولم يكن الأسدي يتصور النص ولا يعتقده، ولا يخطر بباله، لأنه لو كان هذا في نفسه، لقال له: لم دفعك الناس عن هذا المقام، وقد نص عليك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ ولم يقل له هذا، وإنما قال كلاما عاما لبني هاشم كافة: كيف دفعكم قومكم عن هذا وأنتم أحق به! أي باعتبار الهاشمية والقربى.
فأجابه بجواب أعاد قبله المعنى الذي تعلق به الأسدي بعينه، تمهيدا للجواب، فقال: إنما فعلوا ذلك مع أنا أقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - من غيرنا لأنهم استأثروا علينا، ولو قال له: أنا المنصوص علي، والمخطوب باسمي في حياة رسول الله - صلى الله عليه وآله - لما كان قد أجابه، لأنه ما سأله هل أنت منصوص عليك أم لا؟ ولا: هل نص رسول الله - صلى الله عليه وآله - بالخلافة على أحد أم لا؟ وإنما قال: لم دفعكم قومكم عن الأمر وأنتم أقرب إلى ينبوعه ومعدنه منهم؟ فأجابه جوابا ينطبق على السؤال ويلائمه أيضا، فلو أخذ يصرح له بالنص، ويعرفه تفاصيل باطن الأمر لنفر عنه، واتهمه ولم يقبل قوله، ولم ينجذب إلى تصديقه، فكان أولى الأمور في حكم السياسة وتدبير الناس، أن يجيب بما لا نفرة منه، ولا مطعن عليه فيه (1).