بتقدمه عليهما، ولا عملا له ولصاحبه عملا ولا تقلدا لهما ولاية ولا رآهما أبو بكر ولا عمر أهلا أن يشركاهما في شئ من أمورهما، وخاصة ما صنعه عمر بن الخطاب فإنه ذكر من يصلح للإمامة في الشورى ومن يصلح للنظر في الاختيار فلم يذكر العباس من إحدى الطائفتين، ولما ذكر عليا - عليه السلام - عابه ووصفه بالدعابة تارة وبالحرص على الدنيا أخرى وأمر بقتله إن خالف عبد الرحمن بن عوف وجعل الحق، في حين عبد الرحمن دونه وفضله عليه.
هذا وقد أخذ منه ومن العباس ومن جميع بني هاشم الخمس الذي جعله الله تعالى لهم وأرغمهم فيه وحال بينهم وبينه، وجعله في السلاح والكراع، فإن كنت أيها الشريف تنشط للطعن على علي والعباس بخلافهما الشيخين بكراهتهما لإمامتهما وتأخرهما عن بيعتهما وترى من العقد فيهما ما سنه الشيخان من أمرهما في التأخير لهما عن شريف المنازل والغض منهما والحط من أقدارهما فصر إلى ذلك فإنه الضلال بغير شبهة، وإن كنت ترى ولايتهما والتعظيم لهما والاقتداء بهما فاسلك سبيلهما ولا تستوحش من تخطئة من خالفهما، وليس ها هنا منزلة ثالثة.
فقال العباسي عند سماع هذا الكلام: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون (1).