قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) (1).
ومن هنا يتبين أن المناظرة أو الجدل لو لم تكن مشروعة لما أمر الله تعالى بها أنبياءه - عليهم السلام -، في حين أن القرآن الكريم يزخر بمحاججات الأنبياء لأقوامهم لا سيما نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهو القدوة الحسنة والمثل الأعلى الذي لا ينتهي حديث عظمته، ولا تزيده الدهور إلا سناءا وعلوا.
هذا هو موقف القرآن الكريم من المناظرة المشروعة بشكل موجز، والذي يمكن أن تكون خلاصته: أن ينظر كل من المتناظرين بعين الاعتبار إلى الآخر، ولا يستهين بآرائه وإن كانت مخالفة للحق في بداية الأمر وأن لا ينسب آراءه إلى محض الباطل حتى ولو كان كذلك في نظره لاحظ قوله تبارك وتعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (3) حيث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، يجمل إجمالا الضلالة بين الفريقين تمهيدا للجو الملائم للمناظرة الصحيحة بهدف الوصول إلى الحقيقة ولا يفاجأهم مباشرة بتفنيد مزاعمهم جملة وتفصيلا رغم أنها كانت محض الباطل في اعتقاده - صلى الله عليه وآله -، ثم عليه أن يسوق الدليل الذي يعرفه المقابل نفسه، وأن يعرض الدليل بالطريقة الهادئة مقرونا بالحكمة والموعظة الحسنة، على أن يكون مراده تحصيل الحق، وإلا ستكون المناظرة غير مشروعة كما سيأتي الحديث عنها في محله.
أما موقف السنة المطهرة من المناظرة، فهو لا يختلف عن حكم القرآن، فكلاهما - القرآن والسنة - صنوان لمشرع واحد، قال تعالى: (وما