كما أمر تعالى بمجادلة أهل الكتاب عن طريق الحكمة والموعظة لما في ذلك من إلانة قلوبهم وانصياعهم إلى الحق، فقال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن..) (2).
لأن الغلظة في المناظرة والجدل لا تزيد الطرف الآخر إلا نفورا "، وعنادا "، وتعصبا "، وتمسكا " بالباطل كما أوضحه تعالى في قوله الكريم:
(ولو كنت فظا " غليظ القلب لا نفضوا من حولك..) (3).
وهذا ما يكشف عن أسلوب المناظرة النبوية، فهو الأسلوب الأمثل الذي يجب مراعاته بين المتناظرين.
ومن الأدلة والشواهد القرآنية التي تبين مشروعية المناظرة في الإسلام، قوله تعالى: (وضرب لنا مثلا " ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا " فإذا أنتم منه توقدون، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم، إنما أمره إذا أراد شيئا " أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون) (1).
وهنا يلاحظ ما في جواب من أنكر الأحياء بعد الإماتة، وما فيه من أدلة عظيمة، وأسلوب رائع يأخذ بمجامع القلوب ويسوقها طوعا إلى الإذعان والتصديق، ومنه ينكشف مدى تأثير الدليل وطريقة عرضه، إذ بهما يخلق من الطرف الآخر إنسانا سلس الانقياد.