فقال: " بلى، حتى يدخلكم الجنة " فقال: يا رسول الله، إن أقرضت الله تعالى، فهل تضمن لي الجنة؟ فقال: " نعم، من تصدق بشئ فله مثله في الجنة " فقال: يا رسول الله، وأهلي - أم الدحداح - معي؟
قال: " نعم " قال: وهذه بنتي دحداحة معي؟ قال: " نعم " قال:
فاعطني يدك، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده في يده فقال: يا رسول الله، إن لي حديقتين: إحداهما فوق المدينة، و الأخرى في أسفلها، ما لي غيرهما قد أقرضتهما الله تعالى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا، اقرض واحدة وأطلق الأخرى يكون عيشة لك ولعيالك "، فقال: يا رسول الله، لما قلت هذا، فاشهد بأن أحسن الحديقتين لله تعالى، وهي حائط فيها ستون نخيلة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا يجزيك الله الجنة " فأتى أبو الدحداح إلى أهله وولده، وهم في الحديقة يطوفون حول الأشجار ويعملون عملا، فنادى وأنشأ يقول:
هداك ربي سبيل الرشاد * إلى سبيل الخير والسداد - يبني من الحائط لي بالزاد * فقد مضى فرضا إلى التناد - أقرضته الله على اعتمادي * بالطوع لا من ولا أنداد - إلا رجاء الضعف في المعاد * فارتحلي بالنفس والأولاد - والبر لا شك فخير زاد * قدمه المرء إلى المعاد - فقالت أم الدحداح: بارك الله لك فيما اشتريت، وأنشأت تقول:
بعلك أدى ما لديه ونصح * أن لك الخط إذا الخط وضح - قد منع الله عيالي ومنح * بالعجوة السوداء والزهر البلح - والعبد يسعى وله ما قد كدح * طول الليالي وله ما اجترح - وأخذت ما كان في حجور الأولاد وأكمامهم وطرحه، وما كان في أفواههم أخذه وطرحه وخرجوا ودخلوا حديقة أخرى وقال الرسول