وقال في موضع آخر، يعنى تلك الأمة: (1) وكذلك جعلناكم أمة وسطا - يعنى عدلا - لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. فإن ظننت أن الله جل ثناؤه عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين، أفترى أن من لم تكن شهادته تجوز في الدنيا على صاع من تمر أن الله طالب (2) شهادته على الخلق يوم القيامة، وقابلها (3) على الأمم السالفة، كلا لن يعنى الله مثل هذا من خلقه، وقال في موضع آخر يعنى تلك الأمة التي عنتها دعوة إبراهيم: (4) كنتم خير أمة أخرجت للناس، فلو كان الله عز وجل عنى جميع المسلمين أنهم خير أمة أخرجت للناس لم يعرف الناس الذين أخرج إليهم جميع المسلمين من هم؟ كلا لن يعنى الله الذين تظنون من همج هذا الخلق، ولكن عنى الله الأمة التي بعث فيها محمد (صلع).
قال السائل: فإنه لم يكن معه إلا على وحده، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
إن مع علي فاطمة والحسن والحسين، وهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، (5) وأصحاب الكساء (6) هم الذين شهد لهم الكتاب بالتطهير، وقد كان رسول الله (صلع) (7) وحده أمة لان الله سبحانه يقول: (8) إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا، فكان إبراهيم وحده أمة ثم رفده (9) بعد كبره بإسمعيل وإسحق، وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب، وكذلك رسول الله (صلع) كان وحده أمة ثم رفده بعلى وفاطمة، وكثره بالحسن والحسين كما كثر إبراهيم بإسمعيل وإسحاق، وجعل الإمامة التي هي خلف النبوة في ذريته من ولد الحسين بن علي كما جعل النبوة في ذرية إسحاق، ثم ختمها بذرية إسماعيل، وكذلك كانت الإمامة في الحسن بن علي لسبقه، قال الله عز وجل في