الذبح والنحر فلا تحل ذبيحته ولا صيده إذا تركت عمدا مستدلين بقوله تعالى: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) *، وبالحديث هذا. قالوا، وقد عفي عن الناسي بحديث رفع على أمتي الخطأ والنسيان ولما يأتي من حديث ابن عباس بلفظ: فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم ثم ليأكل وسيأتي في آخر الباب إن شاء الله تعالى. وذهب آخرون إلى أنها سنة منهم ابن عباس ومالك ورواية عن أحمد مستدلين بقوله تعالى: * (إلا ما ذكيتم) * قالوا: فأباح التذكية من غير اشتراط التسمية ولقوله تعالى: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * وهم لا يسمون. ولحديث عائشة الآتي: أنهم قالوا: يا رسول الله إن قوما يأتوننا بلحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا أفنأكل منه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سموا عليه أنتم وكلوا. وأجابوا عن أدلة الايجاب بأن قوله: (ولا تأكلوا) المراد به ما ذبح للأصنام كما قال تعالى: * (وما ذبح على النصب وما أهل لغير الله به) * لأنه تعالى قال: * (وإنه لفسق) * وقد أجمع المسلمون على أن من أكل متروك التسمية عليه فليس به، فوجب حملها على ما ذكر جمعا بينه وبين الآية السابقة وحديث عائشة. وذهبت الظاهرية: إلى أنه لا يجوز أكل ما لم يسم عليه ولو كان تاركها ناسيا، لظاهر الآية الكريمة، وحديث عدي رضي الله عنه فإنه لم يفصل. قالوا: وأما حديث عائشة وفيه: أنهم قالوا:
يا رسول الله إن قوما حديث عهدهم بالجاهلية يأتون بلحمان - الحديث فقد قال ابن حجر إنه أعله البعض بالارسال. قال الدارقطني: الصواب أنه مرسل. على أنه لا حجة فيه لأنه أدار الشارع الحكم على المظنة وهي كون الذابح مسلما وإنما شك على السائل حداثة إسلام القوم فألغاه (ص) بل فيه دليل على أنه لا بد من التسمية وإلا لبين له عدم لزومها وهذا وقت الحاجة إلى البيان وأما حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فهم متفقون على تقدير رفع الاثم أو نحوه ولا دليل فيه، وأما أهل الكتاب فهم يذكرون اسم الله على ذبائحهم. فيتحصل قوة كلام الظاهرية، فيترك ما تيقن أنه لم يسم عليه وأما ما شك فيه والذابح مسلم فكما قال صلى الله عليه وسلم: اذكروا اسم الله وكلوا. المسألة الثالثة في قوله: فإن أدركته حيا فاذبحه، فيه دليل على أنه يجب عليه تذكيته إذا وجده حيا ولا يحل إلا بها وذلك اتفاق، فإن أدركه وفيه بقية حياة فإن كان قد قطع حلقومه أو مريئه أو جرح أمعاءه أو أخرج حشوه فيحل بلا ذكاة. قال النووي: بالاجماع، وقال المهدي للهادوية إنه إذا بقي فيه رمق وجب تذكيته، والرمق إمكان التذكية لو حضرت آلة. ودل قوله وإن أدركته وقد قتل ولم يأكل فكله. أنه إذا أكل حرم أكله، وقد عرفت أن من شرط المعلم أن لا يأكل فأكله دليل على أنه غير كامل التعليم. وقد ورد في الحديث الآخر تعليل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وهو مستفاد من قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * فإنه فسر الامساك على صاحبه بألا يأكل منه. وقد أخرج أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: إذا أرسلت الكلب فأكل