أما حديث ابن أبجر فقد اختلف في إسناده قال أبو داود: رواه شعبة عن عبيد بن الحسن عن عبد الرحمن بن معقل عن عبد الرحمن بن بشر عن ناس من مزينة أن سيد مزين أبجر أو ابن أبي أبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه مسعر فقال: عن ابن عيينة عن أبي معقل عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر، وقد ثبت التحريم من حديث جابر، يريد هذا وساقه من طريق أبي داود متصلا، ثم قال: وأما قوله: إنما حرمتها من أجل جوال القرية فإن الجوال هي التي تأكل العذرة وهي الجلة، إلا أن هذا لا يثبت، وقد ثبت أنه إنما نهى عن لحومها لأنها رجس، وساق سنده إلى محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: لما افتتح رسول الله (ص) خيبر أصبنا حمرا خارجة من القرية فنحرنا وطبخنا منها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله ينهيانكم عنها وإنها رجس من عمل الشيطان فأكفئت القدور انتهى. وبهذا يبطل القول بأنها إنما حرمت مخافة قلة الظهر، كما أخرجه الطبراني وابن ماجة عن ابن عباس: إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية مخافة قلة الظهر. وفي رواية البخاري عن ابن عباس في المغازي من رواية الشعبي أنه قال ابن عباس: لا أدري أنهى عنها رسول الله (ص) من أجل أنها حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمها البتة يوم خيبر؟. فإنه يقال: قد علم بالنص أنه حرمها لأنها رجس وكأن ابن عباس لم يعلم بالحديث فتردد في نقله النهي، وإذ قد ثبت النهي وأصله التحريم عمل به، وإن جهلنا علته. وأما ما أخرجه الطبراني من حديث أم نصر المحاربية: أن رجلا سأل النبي (ص) عن الحمر الأهلية فقال:
أليس ترعى الكلأ وتأكل الشجر،؟ قال: فأصب من لحومها فهي رواية غير صحيحة لا تعارض بها الأحاديث الصحيحة. المسألة الثانية: دل الحديث على حل أكل لحوم الخيل وإلى حلها ذهب زيد بن علي والشافعي وصاحبا أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وجماهير السلف والخلف لهذا الحديث، ولما في معناه من الأحاديث الصحيحة. وأخرج ابن أبي شيبة بسنده على شرط الشيخين عن عطاء أنه قال لابن جريج: لم يزل سلفك يأكلونه، قال ابن جريج: قلت له: أصحاب رسول الله؟ قال: نعم. ويأتي حديث أسماء: نحرنا على عهد رسول الله (ص) فرسا فأكلناه. وذهبت الهادوية ومالك وهو المشهور عند الحنفية إلى تحريم الخيل. واستدلوا بحديث خالد بن الوليد نهى رسول الله (ص) عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع وفي رواية بزيادة يوم خيبر وأجيب عنه بأنه قال البيهقي فيه: هذا إسناد مضطرب مخالف لرواية الثقات، وقال البخاري:
يروى عن أبي صالح ثور بن يزيد وسليمان بن سليم وفيه نظر. وضعف الحديث أحمد والدارقطني والخطابي وابن عبد البر وعبد الحق. واستدلوا بقوله تعالى: * (لتركبوها وزينة) * وتقدير الاستدلال بالآية بوجوه: الأول: أن العلة المنصوصة تقتضي الحصر، فإباحة أكلها خلاف ظاهر الآية. وأجيب عنه بأن كون العلة منصوصة لا يقتضي الحصر فيها، فلا يفيد