متفق عليه وهذا لفظ مسلم). فيه مسائل: الأولى: دل قوله: فتبين زناها أنه إذا علم السيد بزنا أمته جلدها وإن لم تقم شهادة وذهب إليه بعض العلماء. وقيل: المراد إذا تبين زناها بما يتبين به في حق الحرة وهو الشهادة أو الاقرار. والشهادة تقام عند الحاكم عند الأكثر، وقال بعض الشافعية: تقام عند السيد. وفي قوله: فليجلدها دليل على أن ولاية جلد الأمة إلى سيدها، وإليه ذهب الشافعي، وعند الهادوية أن ذلك إذا لم يكن في الزمان إمام وإلا فالحدود إليه. والأول أقوى. والمراد بالجلد الحد المعروف في قوله تعالى: * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) *. المسألة الثانية: قوله: ولا يثرب عليها ورد في لفظ النسائي ولا يعنفها وهو بمعنى ما هنا، وهو نهى عن الجمع لها بين العقوبة بالتعنيف والجلد، ومن قال المراد أنه لا يقنع بالتعنيف دون الجلد فقد أبعد. قال ابن بطال: يؤخذ منه أن كل من أقيم عليه الحد لا يعزر بالتعنيف واللوم وإنما يليق ذلك بمن صدر منه قبل أن يرفع إلى الامام للتحذير والتخويف فإذا رفع وأقيم عليه الحد كفاه، ويؤيد هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن سبب ا لذي أقيم عليه حد الخمر وقال: لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم. وفي قوله: ثم إن زنت إلى آخره دليل على أن الزاني إذا تكرر منه الزنا بعد إقامة الحد عليه تكرر عليه الحد وأما إذا زنى مرارا من دون تخلل إقامة الحد لم يجب عليه إلا حد واحد. ويؤخذ من ظاهر قوله فليبعها أنه كان عليها الحد، قال المصنف في الفتح: الأرجح أنه يجلدها قبل البيع ثم يبيعها، والسكوت عنه للعلم بأن الحد لا يترك ولا يقوم البيع مقامه. المسألة الثالثة: ظاهر الامر وجوب بيع السيد للأمة وأن إمساك من تكررت منه الفاحشة محرم، وهذا قول داود وأصحابه. وذهب الجمهور إلى أنه مستحب لا واجب. قال ابن بطال: حمل الفقهاء الامر بالبيع على الحض على مباعدة من تكرر منه الزنا لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك فيكون ديوثا وقد ثبت الوعيد على من اتصف بالدياثة. وفيه دليل على أنه لا يجب فراق الزانية لان لفظ أمة أحدكم عام لمن يطؤها مالكها ومن لا يطؤها، ولم يجعل الشارع مجرد الزنا موجبا للفراق إذ لو كان موجبا لوجب فراقها في أول مرة بل لم يوجبه إلا في الثالثة على القول بوجوب فراقها بالبيع كما قاله داود وأتباعه، وهذا الايجاب لا لمجرد الزنا بل لتكريره لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك فيتصف بالصفة القبيحة ويجري هذا الحكم في الزوجة أنه لا يجب طلاقها وفراقها لأجل الزنا بل إن تكرر منها وجب لما عرفت. قالوا: وإنما يؤمر ببيعها في الثالثة لما ذكرنا قريبا، ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا قال: وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له من الأمة فلا يشتغل به، وقد ثبت النهي عن إضاعة المال فكيف يجب بيع ماله قيمة خطيرة بالحقير؟ ا ه. قلت: ولا يخفى أن الظاهر مع من قال بالوجوب ولم يأت القائل بالاستحباب بدليل على عدم الايجاب، قوله: وقد ثبت النهي عن إضاعة المال المال قلنا: وثبت هنا مخصص لذلك النهي وهو هذا الامر وقد وقع الاجماع على جواز بيع الشئ الثمين بالشئ الحقير إذا كان البائع عالما به وكذلك إذا كان جاهلا عند الجمهور. وقوله ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، فقال: ليس في الامر ببيعها قطع لذلك إذ
(٩)