ثماني عشرة آية على إحدى الروايات في العدد (فلما نزل أمر برجلين) هما حسان ومسطح (وامرأة) هي حمنة بنت جحش (فضربوا الحد. أخرجه أحمد والأربعة وأشار إليه البخاري) في الحديث ثبوت حد القذف وهو ثابت لقوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) *. وظاهره أنه لم يثبت القذف لعائشة إلا من الثلاثة المذكورين، وقد ثبت أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول ولكن لم يثبت أنه جلده (ص) حد القذف. وقد ذكر ذلك ابن القيم، وعد أعذارا في تركه (ص) لحده ولكنه قد أخرج الحاكم في الإكليل أنه صلى الله عليه وسلم حده من جملة القذفة. وأما قول الماوردي: إنه صلى الله عليه وسلم لم يجلد أحدا من القذفة لعائشة، وعلله بأن الحد إنما يثبت ببينة أو إقرار، فقد رد قوله بأنه ثبت ما يوجبه بنص القرآن، وحد القاذف يثبت بعدم ثبوت ما قذف به ولا يحتاج في إثباته إلى بينة. قلت: ولا يخفى أن القرآن لم يعين أحدا من القذفة وكأنه يريد ما ثبت في تفسير الآيات، فإنه ثبت أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول وأن مسطحا من القذفة وهو المراد بنزول قوله تعالى: * (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولي القربى) * لآية.
2 - (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أول لعان كان في الاسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته، فقال له رسول الله (ص): البينة وإلا فحد في ظهرك الحديث أخرجه أبو يعلى ورجاله ثقات، وفي البخاري نحوه من حديث ابن عباس. قوله: أول لعان: قد اختلفت الروايات في سبب نزول آية اللعان ففي رواية أنس أنها نزلت في قصة هلال، وفي أخرى أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني ولا ريب أن أول لعان كان بنزولها لبيان الحكم. وجمع بينهما بأنها نزلت في شأن هلال وصادف مجئ عويمر العجلاني، وقيل غير ذلك. والحديث دليل على أن الزوج إذا عجز عن البينة على ما ادعاه من ذلك الامر وجب عليه الحد، إلا أنه نسخ وجوب الحد عليه بالملاعنة وهذا من نسخ السنة بالقرآن وإن كانت آية جلد القذف وهي قوله: * (والذين يرمون المحصنات) * الآية سابقة نزولا على آية اللعان. وإلا فآية اللعان إما ناسخة على تقدير تراخي النزول عند من يشترطه لقذف الزوج، أو مخصصة إن لم يتراخ النزول، أو تكون آية اللعان قرينة على أنه أريد بالعموم في قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) * الخصوص، وهو من عدا القاذف لزوجته من باب استعمال العام في الخاص بخصوصه، كذا قيل. والتحقيق أن الأزواج القاذفين لأزواجهم باقون في عموم الآية وإنما جعل الله تعالى شهادة الزوج أربع شهادات قائمة مقام الأربعة الشهداء ولذا سمي الله أيمانه شهادة فقال: * (فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله) *.
فإذا نكل عن الايمان وجب جلده جلد القذف كما أنه إذا رمى أجنبية أجنبي ولم يأت بأربعة شهداء جلد للقذف. فالأزواج باقون في عموم: * (والذين يرمون المحصنات) * داخلون في حكمه، ولذا قال (ص): البينة وإلا فحد في ظهرك وإنما أنزل الله آيات اللعان لإفادة أنه إذا فقد الزوج البينة وهم الأربعة الشهداء فقد جعل الله تعالى عوضهم الأربع الايمان وزاد