وكان متكئا ثم قال: ألا وقول الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. تقدم تفسير شهادة الزور، قال الثعلبي: الزور تحسين الشئ ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه بخلاف ما هو به، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق، وقد جعل صلى الله عليه وسلم قول الزور عديلا للاشراك ومساويا له. قال النووي: وليس على ظاهره المتبادر وذلك لان الشرك أكبر بلا شك، وكذلك القتل فلا بد من تأويله وذلك بأن التفضيل لها بالنظر إلى ما يناظرها في المفسدة، وهي التسبب في أكل المال بالباطل فهي أكبر الكبائر بالنسبة إلى الكبائر التي يتسبب بها إلى أكل المال بالباطل فهي أكبر من الزنا ومن السرقة وإنما اهتم (ص) بإخبارهم على شهادة الزور،، وجلس وأتى بحرف التنبيه وكرر الاخبار لكون قول الزور وشهادة الزور أسهل على اللسان، والتهاون بها أكثر، ولان الحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد وغيرها، فاحتيج إلى الاهتمام بشأنه بخلاف الاشراك، فإنه ينبو عنه قلب المسلم، ولأنه لا تتعدى مفسدته إلى غير المشرك، بخلاف قول الزور فإنه يتعدى إلى من قيل فيه، والعقوق يصرف عنه كرم الطبع والمروءة.
7 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال لرجل:
ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فشاهد أو دع أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف وصححه الحاكم فأخطأ. لان في إسناده محمد بن سليمان بن مشمول ضعفه النسائي، وقال البيهقي: لم يرو من وجه يعتمد عليه، وفيه دليل على أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه علما يقينا كما تعلم الشمس بالمشاهدة. ولا تجوز الشهادة بالظن. فإن كانت الشهاد على فعل فلا بد من رؤيته، وإن كانت على صوت فلا بد من سماع ذلك الصوت، ورؤية الصوت أو التعريف بالصوت بعدلين أو عدل عند من يكتفي به، إلا في مواضع فإنها تجوز الشهادة بالظن. وقد بوب البخاري للشهادة على الظن بقوله باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض، والموت القديم وذكر أربعة أحاديث في ثبوت الرضاع، وثبوته إنما هو بالاستفاضة ولم يذكر حديثا على رؤية الرضاع، وأشار بذلك إلى ثبوت النسب، فإن من لازم الرضاع ثبوت النسب. وأما ثبوت الرضاعة نفسها بالاستفاضة، فإنه مستفاد من صريح الأحاديث، فإن الرضاعة المذكورة فيها كانت في الجاهلية وكان ذلك مستفيضا عند من وقع له. وحد الاستفاضة عند الهادوية شهرة في المحلة تثمر ظنا أو علما، وإنما اكتفي بالشهرة في المذكورة إذ لا طريق له إلى التحقيق