كازرون وسار المهلب وعبد الرحمن بن مخنف حتى نزلوا بهم في أول رمضان فخندق المهلب عليه فذكر أهل البصرة أن المهلب قال لعبد الرحمن بن مخنف إن رأيت إن تخندق عليك فافعل وإن أصحاب عبد الرحمن أبوا عليه وقالوا إنما خندقنا سيوفنا وإن الخوارج زحفوا إلى المهلب ليلا ليبيتوه فوجدوه قد أخذ حذره فمالوا نحو عبد الرحمن بن مخنف فوجدوه لم يخندق فقاتلوه فانهزم عنه أصحابه فنزل فقاتل في أناس من أصحابه فقتل وقتلوا حوله فقال شاعرهم لمن العسكر المكلل بالصر * على فهم بين ميت وقتيل فتراهم تسفى الرياح عليهم * حاصب الرمل بعد جر الذيول وأما أهل الكوفة فإنهم ذكروا أن كتاب الحجاج بن يوسف أتى المهلب وعبد الرحمن بن مخنف أن ناهضا الخوارج حين يأتيكما كتابي فناهضاهم يوم الأربعاء لعشر بقين من رمضان سنة 75 واقتتلوا قتالا شديدا لم يكن بينهم فيما مضى قتال كان أشد منه وذلك بعد الظهر فمالت الخوارج بحدها على المهلب بن أبي صفرة فاضطروه إلى عسكره فسرح إلى عبد الرحمن رجالا من صلحاء الناس فأتوه فقالوا إن المهلب يقول لك إنما عدونا واحد وقد ترى ما قد لقى المسلمون فأمد إخوانك يرحمك الله فأخذ يمده بالخيل بعد الخيل والرجال بعد الرجال فلما كان بعد العصر ورأت الخوارج ما يجئ من عسكر عبد الرحمن من الخيل والرجال إلى عسكر المهلب ظنوا أنه قد خف أصحابه فجعلوا خمس كتائب أو ستا تجاه عسكر المهلب وانصرفوا بجدهم وجمعهم إلى عبد الرحمن بن مخنف فلما رآهم قد صمدوا له نزل ونزل معه القراء عليهم أبو الأحوص صاحب عبد الله بن مسعود وخزيمة ابن نصر أبو نصر بن خزيمة العبسي الذي قتل مع زيد بن علي وصلب معه بالكوفة ونزل معه من خاصة قومه أحد وسبعون رجلا وحملت عليهم الخوارج فقاتلتهم قتالا شديدا ثم إن الناس انكشفوا عنه فبقى في عصابة من أهل الصبر ثبتوا معه وكان ابنه جعفر بن عبد الرحمن فيمن بعثه إلى المهلب فنادى في الناس ليتبعوه إلى أبيه فلم يتبعه إلا ناس قليل فجاء حتى إذا دنا من أبيعه حالت الخوارج بينه وبين
(٤٧)