قلت: وفيه نظر، فإنه إذا علم بأنه لا ماء فيه يراد ماء مظروف فيه بعد الحلف، أي ماء سيحدث مثل لأقتلن زيدا، فإن القتل إزهاق الروح، فإذا علم بموته يراد روح ستحدث، لكن سيأتي أن ذات الشخص لم تتغير، بخلاف الماء، فليتأمل.
تنبيه: قال ط: هل يأثم إذا علم أنه لا ماء فيه؟ قياس ما مر عن التمرتاشي في ليصعدن السماء الاثم ا ه.
قلت: وقد مر أن الغموس تكون على المستقبل فهذا منها. قوله: (لعدم إمكان البر) اعترض بأن البر متصور في صورة الإراقة، لان الإعادة ممكنة. وأجيب بأن البر إنما يجب في هذه الصورة في آخر جزء من أجزاء اليوم بحيث لا يسع فيه غيره، فلا يمكن إعادة الماء في الكوز وشربه في ذلك الزمان ا ه ح عن العناية. قوله: (لوجوب البر في المطلقة كما فرع) قال في الفتح: لقائل أن يقول:
وجوبه في الحال إن كان بمعنى تعينه حتى يحنث في ثاني الحال، فلا شك أنه ليس كذلك، وإن كان بمعنى الوجوب الموسع إلى الموت، فيحنث في آخر جزء من الحياة فالمؤقتة كذلك، لأنه لا يحنث إلا في آخر جزء من الوقت الذي ذكره، فذلك الجزء بمنزلة آخر جزء من الحياة، فلأي معنى تبطل اليمين عند آخر جزء من الوقت في الموقتة، ولم تبطل عند آخر جزء من الحياة في المطلقة؟ ا ه.
وأجاب في النهر بما حاصله: أن الحالف في الموقتة لم يلزم نفسه بالفعل إلا في آخر الوقت، بخلاف المطلقة لأنه لا فائدة في التأخير.
قلت: أنت خبير بأنه غير دافع مع استلزامه وجوب البر في المطلقة على فور الحلف، وإلا فلا فرق فافهم. ويظهر لي الجواب بأن المقيدة لما كان لها غاية معلومة لم يتعين الفعل إلا في آخر وقتها، فإذا فات المحل فقد فات قبل الوجوب، فتبطل ولا يحنث لعدم إمكان البر وقت تعينه، أما المطلقة فغايتها آخر جزء من الحياة، وذلك الوقت لا يمكن البر فيه، ولا خلفه وهو الكفارة، ففي تأخير الوجوب إليه إضرار بالحالف، لأنه إذا حنث في آخر الحياة لا يمكنه التكفير ولا الوصية بالكفارة، فيبقى في الاثم فتعين الوجوب قبله، ولا ترجيح لوقت دون آخر فلزم الوجوب عقب الحلف موسعا بشرط عدم الفوات، فإذا فات المحل ظهر أن الوجوب كان مضيقا من أول أوقات الامكان. ونظيره ما قرروه في القول بوجوب الحج موسعا، فقد ظهر أن المعنى الذي لأجله اعتبر آخر الوقت في الموقتة ولم يعتبر آخر الحياة في المطلقة، هذا ما وصل إليه فهمي القاصر، فتدبره.
قوله: (وهذا الأصل) وهو إمكان البر في المستقبل. قوله: (منها الخ) ومنها ما سيذكره المصنف في باب اليمين بالضرب والقتل بقوله: لو حلف ليقضين دينه غدا فقضاه اليوم الخ ومنها ما في البحر:
لو قال لها بعد ما أصبح: إن لم أجامعك هذه الليلة فأنت كذا ولا نية له، فإن علم أنه أصبح انصرف إلى الليلة القابلة، وإن نوى تلك الليلة بطلت يمينه، وكذا إن نمت الليلة أو إن لم أبت الليلة هنا وقد انفجر الصبح، وهو لا يعلم لا يحنث، لان النوم في الليلة الماضية لا يتصور كقوله:
إن صمت أمس، ومنها: إن لم آت بامرأتي إلى داري الليلة فلما أصبح قالت كنت في الدار لم يحنث، وإن قالت كنت غائبة حنث إن صدقها، ومنها: لا يعطيه أو لا يضربه حتى يأذن فلان