خبز الشعير فدخل بلد المعتاد فيها أكل خبز الحنطة واستمر هو لا يأكل إلا الشعير، فحلف لا يأكل خبزا فقلت ينعقد على عرف نفسه فيحنث بالشعير، لأنه لم ينعقد على عرف الناس، إلا إذا كان الخالف يتعاطاه فهو متهم فيهم فيصرف كلامه إليه لذلك، وهذا منتف فيمن لم يوافقهم بل هو مجانب لهم اه. فقول الشارح: لان العرف الخاص معتبر ليس لفظه موجودا في الفتح، بل معناه فهم منه، فافهم.
وقال المصنف في منحه: قلت: وبهذا ظهر أن قول بعض المحققين أن مذهب عدم اعتبار العرف الخاص ولكن أفتى كثير باعتباره محله فيما عدا الايمان، أما هي فالعرف الخاص معتبر فيها يعرف ذلك من تتتبع كلامهم، ومما يدل عليه ما في فتح القدير الخ. قوله: (انصرف إلى الخابزة الخ) الأوضح أن يقال: انصرف إلى ما تضربه في التنور لا ما تعجنه وتهيئه للضرب.
فيكون المعنى: لو قال لا آكل من خبز هند فإن كانت خبزته في التنور حنث، وإن كانت عجنته وهيأته: أي قطعته أقراصا للخبز وخبزه غيرها لا يحنث، وإلا فبعد التصريح باسمها لا يدخل غيرها، إلا أن يكون المراد بقوله من خبز فلانة أنه ذكر لفظ فلانة فيكون مشتركا يتناول الخابزة والعاجنة، ثم هذا كله لو كان مراده بالإضافة إضافة الصنعة، أما لو أراد إضافة الملك فإنه يحنث بالخبز المملوك لها، ولو كان العاجن والخابز غيرها كما لا يخفى. قوله: (ومنه) أي من الخبز الرقاق، وينبغي أن يخص ذلك بالرقاق البيساني بمصر، أما الرقاق الذي يحشى بالسكر واللوز فلا يدخل تحت اسم الخبز في عرفنا كما لا يخفي. بحر.
قلت: وذلك كالذي يعمل منه البقلاوي والسنبوسك، وينبغي أيضا أن لا يحنث بالكعك والبقسماط لأنه لا يسمى خبزا في العرف. قوله: (لا الفطائر) الذي في الفتح والبحر: القطائف، وأما الفطائر فالظاهر أنها كذلك، فهي اسم عندنا لما يعجن بالسمن ويخبز أقراصا كالخبز ولا يسمى خبزا في العرف، وكذا ما يوضع في الصواني ويخبز ويسمى بغاجه لا يحنث به، وكذا الزلابية.
قوله: (والثريد الخ) فعيل بمعنى مفعول وهو أن تفت الخبز ثم تبله بمرق، مصباح، قال في الفتح:
ولا يحنث بالثريد لأنه لا يسمى خبزا مطلقا، وفي الخلاصة: لا يأكل من هذا الخبز وأكله بعد ما تفتت لا يحنث لأنه لا يسمى خبزا، ولا يحنث بالعصيد والططماج، ولا يحنث لو دقه فشربه، وعن أبي حنيفة في حيلة أكله أن يدقه فيلقيه في عصيدة ويطبخ حتى يصير الخبز هالكا اه ما في الفتح.
ومثله في البحر.
قلت: ومقتضى هذه الرواية أن يحنث لو فته بلا طبخ، وكذا لو جعله ثريدا، لان قوله: حتى يصير الخبز هالكا، يقتضي أن بقاء عينه يخرجه عن كونه خبزا، وهذا موافق لعرفنا الآن، ويؤيده ما قدمه الشارح في حلفه: لا يأكل تمرا فأكل حيسا فإنه لا يحنث، لأنه تمر مفتت وإن ضم إليه شئ من السمن أو غيره، نعم لو دق الخبز وشربه بماء لا يحنث لأنه شرب لا أكل، وكذا لو حلف لا يأكل رغيفا وفت أرغفة وأكل منها لا يحنث، بخلاف ما إذا فت رغيفا واحدا وأكله كله فإنه يحنث، هذا ما يقتضيه عرف زماننا، والله أعلم.