فعلم أن ما في المختصر: أي الكنز مبني على عرف أهل الكوفة، وأن ذلك يختلف باختلاف العرف اه كلام البحر.
قلت: وأما لحم الانسان ولحم الخنزير فهو لحم حقيقة لغة وعرفا، فلذا مشى المصنف كغيره على أنه يحنث به، لكن يرد عليه كما أفاد في الفتح أن لفظ آكل لا ينصرف إليه عرفا وإن كان في العرف يسمى لحما كما مر في لا يركب دابة فلان، فإن العرف اعتبر في ركب، والمتبادر منه ركوب الأنواع الثلاثة وهي الحمار والبغل والفرس، وإن كان لفظ دابة في العرف يشمل غيرها أيضا كالبقر والإبل، فقد تقيد الركوب المحلوف عليه بالعرف، ولذا نقل العتابي خلاف ما هنا فقال: قيل الحالف إذا كان مسلما ينبغي أن لا يحنث، لان أكله ليس بمتعارف، ومبني الايمان على العرف، قال: وهو الصحيح، وفي الكافي: وعليه الفتوى. هذا خلاصة ما حققه في الفتح، وهو حسن جدا ويؤيده ما قدمناه، ويأتي أيضا من أنه لا يحنث باللحم النئ كما أشار إليه محمد، وهو الأظهر، قال في الذخيرة: لأنه عقد يمينه على ما يؤكل عادة فينصرف إلى المعتاد، وهو الاكل بعد الطبخ اه. مع أنه لا شك في أمن النئ لحم حقيقة فعلم أن الملحوظ إليه والعرف هو الاكل لا لفظ اللحم. قوله:
(ومنه علم) أي من قولهم: أما في عرفنا فإن المراد عرف بلادهم، وهي من العجم فافهم. ثم إن التنبيه على هذا ليس فيه كبير فائدة. لان قولهم باعتبار العرف في الايمان ليس المراد به عرف العرب بل أي عرف كان في أي بلد كان، كما سيأتي عند قوله: والخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف وفي البحر عن المحيط: وفي الايمان يعتبر العرف في كل موضع حتى قالوا: لو كان الخالف خوارزميا فأكل لحم السمك يحنث لأنهم يسمونه لحما. قوله: (لحم في يمين الاكل لا في يمين الشراء) وجعل في الشافي الاكل والشراء واحدا، والأول أصح. بزازية.
قلت: ولعل وجهه أن الرأس والأكارع مشتملة على اللحم وغيره، لكنها عند الاطلاق لا تسمى لحما فإذا حلف لا يشتري لحما لا يقال في العرف إنه اشترى لحما بل اشترى رأسا أو أكارع، أما إذا أكل اللحم الذي فيها فقد أكل لحما فيحنث، ويشير إلى هذا الفرق ما في الذخيرة، ولو أكل رؤوس الحيوان يحنث، لان ما عليها لحم حقيقة. قوله: (لا يقع على صيده) وإنما يقع على لحمه وهو القياس في الحمار، إلا أن الحمار لما كان له كراء ويستعملون هذا اللفظ في الاكل من كرائه حملوه على الكراء، وفيما وراءه يبقى على الأصل. منح عن جواهر الفتاوي ط. قوله:
(ولا يعم البقر الجاموس) أي فلو حلف لا يأكل لحم بقر ولا يحنث بأكل الجاموس، كعكسه لان الناس يفرقون بينهما، قيل يحنث، لان البقر أعم، والصحيح الأول كما في النهر عن التاترخانية.
وفي الذخيرة: لا يأكل لحم شاة لا يحنث بلحم العنز مصريا كان أو قرويا. قال الشهيد: وعليه الفتوى. قوله: ولا يحنث بأكل النئ) بالهمز وزان حمل والابدال والادغام عامي. مصباح: أي إبدال الهمزة ياء إدغامها في الياء لغة العوام، وقدمنا وجه عدم الحنث قريبا. قوله: (وهو اللحم السمين)