وهذا معنى قولهم: الغرم مجبور بالغنم اه. قوله: (وليس لاحد أخذه منه قهرا) لأنه ثبت حق الحفظ له لسبق يده، وينبغي أن ينتزع منه إذا لم يكن أهلا لحفظه كما قالوا في الحاضنة، وكما يفيده قول الفتح الآتي إلا بسبب يوجب ذلك. بحر.
قلت: وكذا يفيده ما سيأتي من أنه يثبت نسبه من ذمي، ولكن هو مسلم فينزع من يده قبيل عقل الأديان. والظاهر أن النزع فيه واجب، كما لو كان الملتقط فاسقا يخشى عليه منه الفجور باللقيط فينزع منه قبيل حد الاشتهاء ولا ينافيه ما في الخانية من أنه إذا علم القاضي عجزه عن حفظه بنفسه وأتى به إليه فإن الأولى له أن يقبله اه، لأنه إذا لم يرد بالأولى الوجوب فوجهه أنه إذا لم يقبله منه بعد ما أتى به إليه علم أمانته وديانته وأنه حيث لم يقبله منه يدفعه هو إلى من يحفظه فلم يتعين القاضي لاخذه منه، بخلاف ما إذا كان يخشى عليه من الملتقط، وبه اندفع ما في النهر. قوله:
(في الفتح لا) حيث قال: لا ينبغي للامام أن يأخذ من الملتقط إلا بسبب يوجب ذلك، لان يده سبقت إليه فهو أحق منه. قوله: (وحرر في النهر نعم) حيث قال: وأقول المذكور في المبسوط أن للامام الأعظم أن يأخذه بحكم الولاية العامة إلا أنه لا ينبغي له ذلك، وهو الذي ذكره في الفتح.
قوله: (وهذا) أي عدم أخذه من الملتقط. قوله: (لأنه أنفع للقيط) لأنه يعلمه أحكام الاسلام ولأنه محكوم له بالاسلام، فكان المسلم أولى بحفظه. أفاده في البحر.
قلت: وهذا إذا لم يعقل الأديان وإلا نزع من الكافر ولو كان هو الملتقط وحده كما يأتي.
تأمل. قوله: (ولو استويا) بأن كانا مسلمين أو كافرين. قوله: (فالرأي للقاضي) وينبغي أن يرجح ما هو أنفع للقيط. نهر. بأن يقدم العدل على الفاسق والغني على الفقير، بل ظاهر تعليل الخانية بأنه أنفع للقيط عدم اختصاص الترجيح بالاسلام فيعم ما ذكر، فيقضي به للعدل والغنى حيث كان هو الأنفع، ولذا قال في البحر: وهو يفيد أنه إن أمكن الترجيح اختص به الراجح اه. وعلى هذا يحمل قوله ولو استويا: أي في صفات الترجيح كلها. قوله: (استحسانا) والقياس أن لا تصح دعواهما، أما الملتقط فلتناقضه، وأما غيره فلان فيه إبطال حق ثابت بمجرد دعوى: أعني الحفظ للملتقط وحق الولد للعامة. وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه والتناقض لا يضر في دعوى النسب، وإبطال حق الملتقط ضمنا ضرورة ثبوت النسب، وكم من شئ يثبت ضمنا لا قصدا، ألا ترى أن شهادة القابلة بالولادة تصح ثم يترتب عليها استحقاقه للإرث، ولو شهدت عليه ابتداء لم يصح.
نهر. قوله: (لو حيا) أي لو كان اللقيط حيا وهو مرتبط بقوله: بمجرد دعواه. قوله: (وإلا فبالبينة) أي وإن كان اللقيط ميتا وترك مالا أو لم يترك فادعى رجل بعد موته أنه ابنه لا يصدق إلا بحجة.
بحر عن الخانية: أي لاحتمال ظهور مال له، ولعل وجه الفرق أن دعوى الحي تتمحض للنسب، بخلاف الميت لاستغنائه عنه بالموت فصارت دعوى الإرث، ثم رأيته صريحا في الفتح. وأيضا فإنه