في النهر. قال في الفتح: والبغاة جمع باغ، وهذا الوزن مطرد في كل اسم فاعل معتل اللام كغزاة ورماة وقضاة اه. وإنما جمعه لأنه قلما يوجد واحد يكون له قوة الخروج. قهستاني. قوله: (البغي لغة الطلب الخ) عبارة الفتح: البغي في اللغة: الطلب، بغيت كذا: أي طلبته. قال تعالى حكاية ذلك ما كنا نبغ ثم اشتهر في العرف في طلب ما لا يحل من الجور والظلم. والباغي في عرف الفقهاء: الخارج على أمام الحق (1) اه. لكن في المصباح: بغيته أبغيه بغيا: طلبته، وبغى على الناس بغيا: ظلم واعتدى فهو باغ والجمع بغاة، وبغى: سعى في الفساد، ومنه الفرقة الباغية لأنها عدلت عن القصد، وأصله من بغى الجرح: إذا ترامى إلى الفساد اه. وفي القاموس: الباغي:
الطالب، وفئة باغية: خارجة عن طاعة الإمام العادل اه. قال في البحر: فقوله في فتح القدير:
الباغي في عرف الفقهاء الخارج عن إمام الحق تساهل، لما علمت أنه في اللغة أيضا اه.
قلت: قد اشتهر أن صاحب القاموس يذكر المعاني العرفية مع المعاني اللغوية، وذلك مما عيب به عليه، فلا يدل ذكره لذلك أنه معنى لغوي، ويؤيده أهل اللغة لا يعرفون معنى الإما الحق الذي جاء في الشرع بعد اللغة، نعم قد يعترض على الفتح بأن كلامه يقتضي اختصاص البغي بمعنى الطلب، وأن استعماله في الجور والظلم معنى عرفي فقط، وقد سمعت أنه لغوي أيضا. وقد يجاب بأن مراده بقوله: ثم اشتهر في العرب الخ العرف اللغوي، وأن الأصل: ومدار اللفظ على معنى الطلب، لكن ينافيه قول المصباح: وأصله من بغى الجرح الخ، فتأمل. قوله: (وشرعا هم الخارجون) عطفه على ما قبله يقتضي أن يكون التقدير والبغي شرعا هم الخارجون هو فاسد، كما أفاده ح، فكان المناسب أن يقول: فالبغاة عرفا: الطالبون لما لا يحل من جور وظلم، وشرعا الخ.
أفاده ط. ويمكن أن يكون على تقدير مبتدأ: أي والبغاة شرعا الخ. قوله: (على الإمام الحق) الظاهر أن المراد به ما يعم المتغلب، لأنه بعد استقرار سلطنته ونفوذ قهره لا يجوز الخروج عليه كما صرحوا به، ثم رأيت في الدر المنتقى قال: إن هذا في زمانهم، وأما في زماننا فالحكم للغلبة، لان الكل يطلبون الدنيا فلا يدرى العادل من الباغي كما في العمادية اه. وقوله: بغير حق أي في نفس الامر، وإلا فالشرط اعتقادهم أنهم على حق بتأويل وإلا فهم لصوص، ويأتي تمام بيانه. قوله:
(وتمامه في جامع الفصولين) حيث قال في أول الفصل الأول: بيانه أن المسلمين إذا اجتمعوا على إمام وصاروا آمنين به فخرج عليه طائفة من المؤمنين، فإن فعلوا ذلك لظلم ظلمهم به فهم ليسوا من أهل البغي وعليه أيترك الظلم وينصفهم، ولا ينبغي للناس أن يعينوا الامام عليهم لان فيه إعانة على الظلم، ولا أن يعينوا تلك الطائفة على الامام أيضا لان فيه إعانة على خروجهم على الامام، وإن لم يكن ذلك لظلم ظلمهم ولكن لدعوى الحق والولاية فقالوا: الحق معنا فهم أهل البغي، فعلى كل من يقوى على القتال أن ينصروا إمام المسلمين على هؤلاء الخارجين، لأنهم ملعونون