وجوبا مما وظف إن لم تطق، وجوازا إن أطاقت، وهذا كلام لا غبار عليه، وبه سقط ما قيل إن مقتضى هذا العطف أن الخارج من الكلام مثلا لو بلغ ألف درهم جاز أخذ خمسمائة ولا قائل به، والمراد أنه إن بلغ الخارج ضعف الموظف أو أكثر جاز للامام أن ينقص عن الموظف اه. ووجه السقوط أن هذا إنما يرد لو كان قوله: وجوبا قيد لقوله: فينقص إلى نصف الخارج فيصير معنى قوله: وجواز أنه ينقص إلى نصف الخارج جوازا عند الإطاقة، ولا موجب لهذا الحل، فافهم.
قوله: (وينبغي أن لا يزاد على النصف الخ) هذا في خراج المقاسمة ولم يقيد به لانفهامه من التعبير بالنصف والخمس، فإن خراج الوظيفة ليس فيه جزء معين. تأمل. قال في النهر: وسكت عن خراج المقاسمة، وهو إذ من الامام عليهم بأراضيهم ورأي أن يضع عليهم جزءا من الخارج كنصف أو ثلث أو ربع، فإنه يجوز ويكون حكمه حكم العشر، ومن حكمه أن لا يزيد على النصف، وينبغي أن لا ينقص عن الخمس. قاله الحدادي اه. وبه علم أن قول الشارح: وينبغي مذكور في غير محله لان الزيادة على النصف غير جائزة كما مر التصريح به في قوله: ولا يزاد عليه وكأن عدم النقيص عن الخمس غير منقول، فذكره الحدادي بحثا. لكن قال الخير الرملي: يجب أن يحمل على ما إذا كانت تطيق، فلو كانت قليلة الريع كثيرة المؤن ينقص، إذ يجب أن يتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة كما في أرض العشر، ثم قال: وفي الكافي: وليس للامام أن يحول الخراج الموظف إلى خراج المقاسمة.
أقول: وكذلك عكسه فيما يظهر من تعليله، لأنه قال: لان فيه نقص العهد، وهو حرام اه.
قلت: صرح بالعكس القهستاني: وقدمنا على الرملي أن المأخوذ من الأراضي الشامية خراج مقاسمة، وكتبنا أن ما صار منها لبيت المال تؤخذ أجرته بقدر الخراج ويكون المأخوذ في حق الامام خراجا، فحيث كان كذلك تعتبر فيه الطاقة، وبه يعلم أن ما يفعله أهل التيمار والزعامات من مطالبية أهل القرى بجميع ما عينه لهم السلطان على القرى كالقسم من النصف ونحوه طلم محض، لان ذلك المعين في الدفاتر السلطانية مبني على أنه كان لا يؤخذ من الزراع، سوى ذلك القسم المعين، والفاضل عنه يبقى للزراع، والواقع في زماننا خلافه، فإن ما يؤخذ منهم الآن ظلما مما يسمى بالذخائر وغيرها شئ كثير ربما يستغرق جميع الخارج من بعض الأراضي، بل يؤخذ منهم ذلك وإن لم تخرج الأرض شيئا، وقد شاهدنا مرارا أن بعضهم يتنزل عن أرضه لغيره بلا شئ لكثرة ما عليها من الظلم، وحينئذ فمطالبته بالقسم ظلم على ظلم، والظلم يجب إعدامه، فلا يجوز مساعدة أهل التيمار على ظلمهم، بل يجب أن ينظر إلى ما تطيقه الأراضي، كما أفتى به الخير الرملي، ونقل بعض الشراح عن شمس الأئمة من سيرة الأكاسرة: إذا أصاب زرع بعض الرعية آفة عوضوا له ما أنفقه في الزراعة من بيت مالهم، وقالوا: التاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح، فإذا لم يعطه الامام شيئا فلا أقل من أن لا يغرمه الخراج. قوله: (فعليه خراج الأرض) كذا في البحر عن شرح الطحاوي. قال ط: والأولى خراج الزرع كما نقله الشارح عن جميع الفتاوى في باب زكاة الأموال: أي فيدفع صاعا ودرهما. قوله: (إلى أن يطعم) بضم أوله وكسر ثالثه مبني للفاعل. قال في المصباح: أطعمت الشجرة بالألف أدرك تمرها. قوله: (فعليه خراج الكرم) أي دائما لأنه صار إلى