المعنى الموضوع فلا يضر التسكين والرفع والنصب، لما تقرر أن اللحن لا يمنع الانعقاد وأما الثاني فلانه ليس من المتنازع فيه، إذ المتنازع فيه الاثبات والنفي لا أنه يمين، والنقل يجب اتباعه اه.
قلت: وفيه نظر. أما أولا فلان اللحن: الخطأ كما في القاموس، وفي المصباح: اللحن:
الخطأ في العربية. وأما ثانيا فلان قول الولوالجية سبحان الله أفعل عين المتنازع فيه لا غيره، فإنه أتى بالفعل المضارع مجردا من اللام والنون وجعله يمينا مع النية، ولو كان على النفي لوجب أن يقال: إنه مع النية يمين على عدم الفعل كما لا يخفي، وإنما اشترط النية لكونه غير متعارف كما مر.
وقال ح: وبحث المقدسي وجيه. وقول بعض الناس: إنه يصادم المنقول، يجاب عنه بأن المنقول في المذهب كان على عرف صدر الاسلام قبل أن تتغير اللغة، وأما الآن فلا يأتون باللام والنون في مثبت القسم أصلا، ويفرقون بين الاثبات والنفي بوجود لا وعدمها، وما اصطلاحهم على هذا إلا كاصطلاح لغة الفرس ونحوها في الايمان لمن تدبر اه.
قلت: ويؤيده ما ذكره العلامة قاسم وغيره من أنه يحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفه وعادته سواء وافق كلام العرب أم لا، ويأتي نحوه عن الفتح في أول الفصل الآتي، وقد فرق أهل العربية بين بلى ونعم في الجواب، بأن بلى لايجاب ما بعد النفي، ونعم للتصديق، فإذا قيل ما قام زيد، فإن قلت بل كان معناه قد قام، وإن قلت نعم كان معناه ما قام. ونقل في شرح المنار عن التحقيق أن المعتبر فأحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما (1) مقام الآخر اه، ومثله في التلويح، وقول المحيط هنا: والحلف بالعربية أن يقول في الاثبات والله لأفعلن الخ، بيان للحكم على قواعد العربية وعرف العرب وعادتهم الخالية عن اللحن، وكلام الناس اليوم خارج عن قواعد العربية سوى النادر، فهو لغة اصطلاحية لهم كباقي اللغات الأجنبية، فلا يعاملون بغير لغتهم وقصدهم، إلا من التزم منهم الاعراب أو قصد المعنى اللغوي، فينبغي أن يدين، وعلى هذا قال شيخ مشايخنا السائحاني: إن أيماننا الآن لا تتوقف على تأكيد، فقد وضعناها وضعا جديدا واصطلحنا عليها وتعارفناها، فيجب معاملتنا على قدر عقولنا ونياتنا، كما أوقع المتأخرون الطلاق بعلي الطلاق، ومن لم يدر بعرف أهل زمانه فهو جاهل اه.
قلت: ونظير هذا ما قالوه من أنه لو أسقط الفاء الرابطة لجواب الشرط فهو تنجيز لا تعليق، حتى لو قال إن دخلت الدار أنت طالق تطلق في الحال، وهذا مبني على قواعد العربية أيضا، وهو خلاف المتعارف الآن فينبغي بناؤه على العرف كما قدمناه عن المقدسي في باب التعليق، وقدمنا هناك ما يناسب ذكره هنا فراجعه، والله سبحانه أعلم.
(تنبيه): ما مر إنما هو في القسم، بخلاف التعليق فإن وإن سمي عند الفقهاء حلفا و يمينا لكنه لا يسمى قسما، فإن القسم خاص باليمين بالله تعالى كما صرح به القهستاني، أما التعليق فلا يجري اشتراط اللام والنون في المثبت منه لا عند الفقهاء ولا عند اللغويين، ومنه الحرام يلزمني علي الطلاق لا أفعل كذا، فإنه يراد به في العرف إن فعلت كذا فهي طالق فيجب إمضاؤه عليهم كما