لكن وجوب الاسرار على الامام بالاتفاق، وأما على المنفرد فقال في البحر: إنه الأصح، وذكر في الفصل الآتي أنه الظاهر من المذهب وفيه كلام ستعرفه هناك، قوله: (فلو أتم القراءة) في بعض النسخ: فلو أتم الفاتحة، وهذا مثال لتأخير الفرض وهو الركوع هنا عن محله. قوله: (أو تذكر السورة الخ) مثال لتأخير الواجب وهو السورة عن محله لفصله بين الفاتحة والسورة بأجنبي وهو الركوع المرفوض لوقوعه في أثناء القراءة، لأنه لما قرأ السورة التحقت بالفرض، وبعد وجود القراءة يصير الترتيب بينها وبين الركوع فرضا، بخلافه قبل وجودها فإنه يكون واجبا كما قدمنا تحقيقه في بحث القيام، وسيأتي له زيادة تحقيق آخر في فصل القراءة والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعدو له، وقيد بتذكر السورة لأنه لو قرأها ثم عاد فقرأ سورة أخرى لا ينتقض ركوعه كما في سهو الحلية عن الزاهدي وغيره. قوله: (أعاد الركوع) مختص بالمسألة الثانية، وقوله: وسجد للسهو راجع للمسألتين، وفي التركيب حزازة، ولو قال: فضمها قائما وأعاد الركوع سجد للسهو، لسلم من هذا ح. قوله: (وترك تكرير ركوع الخ) بالرفع عطفا على إتيان، لان في زيادة ركوع أو سجود تغيير المشروع، لان الواجب في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان فقط، فإذا زاد على ذلك فقد ترك الواجب، ويلزم منه ترك واجب آخر وهو ما مر: أعني إتيان الفرض في محله، لان تكرير الركوع فيه تأخير السجود عن محله وتثليث السجود فيه تأخير القيام أو القعدة، وكذا القعدة في آخر الركعة الأولى أو الثالثة فيجب تركها، ويلزم من فعلها أيضا تأخير القيام إلى الثانية أو الرابعة عن محله، وهذا إذا كانت القعدة طويلة، أما الجلسة الخفيفة التي استحبها الشافعي فتركها غير واجب عندنا، بل هو الأفضل كما سيأتي، وهكذا كل زيادة بين فرضين يكون فيها ترك واجب بسبب تلك الزيادة، ويلزم منها ترك واجب آخر وهو تأخير الفرض الثاني عن محله.
والحاصل أن ترك هذه المذكورات في كلام الشارح واجب لغيره، وهو إتيان كل واجب أو فرض في محله الذي ذكره أولا، فإن ذلك الواجب لا يتحقق إلا بترك هذه المذكورات فكان تركها واجبا لغيره، لأنه يلزم من الاخلال بهذا الواجب الاخلال بذاك الواجب، فهو نظير عدهم من الفرائض الانتقال من ركن إلى ركن فإنه فرض لغيره كما قدمنا بيانه، فلا تكرار في كلامه، فافهم.
قوله: (وكل زيادة الخ) بحر كل عطفا على تكرير من عطف العام على الخاص، ويدخل في الزيادة السكوت، حتى لو شك فتفكر سجد للسهو كما مر، وقوله: بين الفرضين غير قيد، فتدخل الزيادة بين فرض وواجب كالزيادة بين التشهد الأول والقيام إلى الركعة الثالثة كما مر، والظاهر أنه منه قراءة التشهد بعد السجدة الثانية بلا تأخير، حتى لو رفع من السجدة وقعد ساكتا يلزمه السهو، ومنه يعلم ما يفعله كثير من الناس حين يمد المبلغ تكبير القعدة فلا يشرعون بقراءة التشهد إلا بعد سكوته فليتنبه. قال ط: استفيد منه أنه لو أطال قيام الركوع أو الرفع بين السجدتين أكثر من تسبيحة بقدر تسبيحة ساهيا يلزمه سجود السهو فليتنبه له ا ه. ولم يعزه إلى أحد، نعم ذكر نحو ابن عبد الرزاق في شرحه على هذا الشرح فقال: كإطالة وقوفه بعد الرفع من الركوع ا ه. ولم يعزه أيضا، ولم أر ذلك لغيرهما، ويحتاج إلى نقل صريح، نعم رأيت في سجود السهو من الحلية عن الذخيرة والتتمة نقلا عن غريب الرواية أنه ذكر البلخي في نوادره عن أبي حنيفة: من شك في صلاته فأطال تفكره في قيامه أو ركوعه أو قومته أو سجوده أو قعدته لا سهو عليه، وإن في جلوسه بين السجدتين فعليه