وأجاب ركن الاسلام السعدي الجواز مطلقا لأنه ماء جار، والجاري يجوز التوضؤ به، وعليه الفتوى ا ه. ثم هذا كما في الحلية مبني على نجاسة الماء المستعمل. وأما على الأصح المختار فيجوز الوضوء ما لم يغلب على ظنه أن ما يغترفه أو نصفه فصاعدا ماء مستعمل ا ه. أقول: لكن إذا وقع فيه نجاسة حقيقة كان التفريع على حاله. قوله: (وكعين الخ) يغني عنه الاطلاق السابق كما أفاده قوله: (ينبع الماء منه) أي من العين، وذكر الضمير باعتبار المكان. قوله: (معزيا للتتمة) فيه أن عبارة القهستاني كما في الزاهدي وغيره. قوله: (وكذا يجوز) أي رفع الحدث. قوله: (براكد) الركود: السكون والثبات. قاموس. قوله: (أي وقع فيه نجس الخ) شمل ما لو كان النجس غالبا، ولذا قال في الخلاصة: الماء النجس إذا دخل الحوض الكبير لا ينجس الحوض وإن كان الماء النجس غالبا على ماء الحوض، لأنه كلما اتصل الماء بالحوض صار ماء الحوض غالبا عليه ا ه.
قوله: (لم ير أثره) أي من طعم أو لون أو ريح، وهذا القيد لابد منه وإن لم يذكر في كثير من المسائل الآتية فلا تغفل عنه، وقدمنا أن المراد من الأثر أثر النجاسة نفسها دون ما خالطها كخل ونحوه. قوله: (به يفتى) أي بعدم الفرق بين المرئية وغيرها، وعزاه في البحر إلى شرح المنية عن النصاب، وأراد بشرح المنية الحلية لابن أمير حاج، وقد ذكر عبارة النصاب في مسألة الماء الجاري لا هنا.
على أنه يشكل عليه ما في شرح المنية للحلبي عن الخلاصة أنه في المرئية ينجس موضع الوقوع بالاجماع. وأما في غيرها، فقيل كذلك: وقيل لا ا ه. ومثله في الحلية، وكذا في البدائع، لكن عبر بظاهر الرواية بدل الاجماع قال: ومعناه أن يترك من موضع النجاسة قدر الحوض الصغير ثم يتوضأ ا ه. وقدره في الكفاية بأربعة أذرع في مثلها. وقيل يتحرى، فإن وقع تحريه أن النجاسة لم تخلص إلى هذا الموضع توضأ منه قال في الحلية: قلت وهو الأصح ا ه. وكذا جزم في الخانية بتنجس موضع المرئية بلا نقل خلاف، ثم نقل القولين في غير المرئية، وصحح في المبسوط أولهما، وصحح في البدائع وغيرهما ثانيهما نعم. قال في الخزائن: والفتوى على عدم التنجس مطلقا إلا بالتغير بلا فرق بين المرئية وغيرها لعموم البلوى، حتى قالوا: يجوز الوضوء من موضع الاستنجاء قبل التحرك كما في المعراج عن المجتبى ا ه.
وقال في الفتح: وعن أبي يوسف أنه كالجاري لا يتنجس إلا بالتغير، وهو الذي ينبغي تصحيحه، فينبغي عدم الفرق بين المرئية وغيرها، لان الدليل إنما يقتضي عند الكثرة عدم التنجس إلا بالتغير من غير فصل ا ه.
فقد ظهر أن ما ذكره الشارح مبني على ظاهر هذه الرواية عن أبي يوسف حيث جعله كالجاري وقدمنا عنه أنه اعتبر في الجاري ظهور الأثر مطلقا، وأنه ظاهر المتون، وكذا قال في الكنز هنا، وهو كالجاري، ومثله في الملتقى. وظاهر اختيار هذه الرواية، فلذا اختارها في الفتح واستحسنها في الحلية لموافقتها لما مر عنه في الجاري. قال: ويشهد له ما في سنن ابن ماجة عن