(وصفحة 331) أقول: لا يخفى أن ظاهر كلام الأصحاب رضوان الله عليهم الاتفاق على أن المراد بالدرهم في الأخبار المذكورة هو الدرهم الوافي الذي وزنه درهم وثلث كما اشتملت عليه عبارة ابن إدريس والمحقق والشهيد في الذكرى وبه صرح الصدوق في الفقيه والمفيد في المقنعة حيث قال " فإن أصاب ثوبه دم وكان مقداره في سعة الدرهم الوافي الذي كان مضروبا من درهم وثلث وجب عليه غسله بالماء ولم يجز له الصلاة فيه.. " إلى آخر، والعلامة في جملة من كتبه والشهيد الثاني في الروض وغيرهم لأن ظاهر جملة من علماء الخاصة والعامة أن غالب الدراهم التي في صدر الإسلام هي الدرهم البغلي الذي وزنه ثمانية دوانيق والطبري الذي وزنه أربعة دوانيق، والأصحاب احترزوا هنا بقيد الوافي وأن وزنه درهم وثلث عن الدرهم الآخر وهو الطبري، وكلام ابن الجنيد وابن أبي عقيل ليس فيه ظهور في مخالفة ذلك وإنما غاية ما فيه أنه مطلق بالنسبة إلى تعيين الدرهم فيحمل على كلام الأصحاب المذكور جمعا وأن المراد به الدرهم الوافي الذي هو البغلي.
الجواهر (مجلد 6 صفحة 116) هذا كله لكن قد يقال: إنه وإن ثبت من جميع كما ذكرت إرادة البغلي من الدرهم في النص والفتوى أي الوافي إلى وزن درهم إسلامي وثلث، إلا أنه لا يرفع الاجمال المقتضي للاقتصار على المتيقن معه، إذ المفيد لرفع ذلك بيان سعته لا وزنه، لكن المدار عليها لا عليه، كما صرح به في كشف اللثام وغيره، بل هو ظاهر كثير من الأصحاب حتى معاقد الاجماعات، كإجماع المرتضى والمصنف في المعتبر والعلامة في المختلف وغيرهم، بل في اللوامع نفي الخلاف عنه بالخصوص، وبذلك تتم دلالة الأخبار وإن أطلق فيها العفو عن قدر الدرهم، وإن كان لولاه لأمكن دعوى ظهورها في إرادة الوزن أو هو مع السعة، بل قد يؤيده تعرض كثير من الأصحاب لضبط الوزن هنا دون المساحة. لكن قد عرفت ظهور اتفاق الأصحاب على إرادة السعة خاصة، والفرض، أنها غير معلومة، إذ لا دلالة في الوزن عليها مع اختلاف الأصحاب بالنسبة إلى ذلك، ففي السرائر ما سمعته من مشاهدته، وعن الحسن بن أبي عقيل ما تقدم من اعتبار سعة الدينار.