لو جرح كل واحد منهما صاحبه وجرح نفسه فماتا، فما فعله في نفسه هدر وما قابل فعل صاحبه فيه مضمون، كذلك هاهنا.
مسألة 91: إذا اصطدما متعمدين للقتل فقصد كل واحد منهما قتل صاحبه كان ذلك عمدا محضا، والدية في تركة كل واحد منهما لورثة صاحبه مغلظة، وللشافعي فيه قولان: قال أبو إسحاق مثل ما قلناه، وقال الباقون: إنه شبيه العمد فالدية على عاقلته، على ما مضى، وقال أبو حنيفة: هو خطأ والدية على عاقلتهما على ما مضى.
دليلنا: أنه إذا قصد كل واحد منهما القتل كان ذلك عمدا، فمن جعله شبيه العمد فعليه الدلالة.
مسألة 92:
لا فرق بين أن يقعا مستلقيين أو مكبوبين أو أحدهما مكبوبا والآخر مستلقيا، وبه قال أصحاب الشافعي كلهم.
وقال المزني: إن كان أحدهما مكبوبا والآخر مستلقيا، فالمكبوب هو القاتل وحده، والمستلقى مقتول، فعلى عاقلة المكبوب كمال دية المستلقى.
دليلنا: عموم الخبر الذي قدمناه لأن عليا عليه السلام لم يفصل.
مسألة 93: يمكن أن يكون القتل بحجر المنجنيق عمدا محضا يجب به القود.
وقال الشافعي: لا يمكن ذلك بل لا يكون ذلك إلا عمد الخطأ، والدية مغلظة على العاقلة عنده، وأما على مذهب أبي حنيفة لا يكون إلا خطأ.
دليلنا: أنه لا يمتنع أن يقصد أن يصيب إنسانا بعينه فيصيبه فيقتله، فيجب أن يكون عمدا محضا عندنا وعند الشافعي، واستبعاده لذلك في غير موضعه.