والقصاص أن تقتل بمثل ما قتل.
وروى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه، وعن أنس أن يهوديا رض رأس أنصارية بين حجرين فأدركت وبها رمق، فقيل: أقتلك فلان أقتلك فلان؟ حتى ذكر لها اليهودي فأومأت برأسها أن نعم، فسئل اليهودي فاعترف، فأمر رسول الله أن يرض رأسه بين حجرين، وهذا الخبر دليل على أبي حنيفة في وجوب القود في الرض لأنه ينفيه.
مسألة 56: إذا جرحه فسرى إلى نفسه ومات ووجب القصاص في النفس فلا قصاص في الجرح سواء كان مما لو انفرد كان فيه القصاص أو لم يكن فيه القصاص، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: إذا كان مما لو انفرد كان فيه القصاص كان وليه بالخيار بين أن يقتص في الجرح ثم يقتل وبين أن يقتل فحسب، وإن كان مما لو انفرد واندمل لا قصاص فيه مثل الهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة وقطع اليد من بعض الذراع، والرجل من بعض الساق، فإذا صارت نفسا فهل لوليه أن يقتص فيهما ثم يقتل أم لا؟ على قولين: أحدهما ليس ذلك له، والثاني له ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروى العباس بن عبد المطلب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا قصاص في المنقلة.
مسائل الشجاج والجراح مسألة 57: الجراح عشرة: الحارصة - وهي الدامية - فيها بعير، وفي الباضعة بعيران وفي الملاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعرة، وفي الموضحة خمسة أبعرة، وفي جميعها يثبت القصاص عندنا، وقال جميع الفقهاء:
ليس فيها شئ مقدر بل فيها الحكومة، ولا قصاص في شئ منها إلا الموضحة،