ذلك إلا أنه لو وقع على إنسان فقتله فالحكم فيه كخشب الجناح سواء، وقال بعضهم: هاهنا لا ضمان عليه، لأنه محتاج إلى فعله مضطر إليه، والأول هو الصحيح.
إن بالت دابة في الطريق فزلق به إنسان فمات فالدية عليه، سواء كان راكبا أو قائدا أو سائقا لأن يده عليها، كما لو بال هو في هذا المكان، ومثله إذا أكل شيئا فرمى بقشره في الطريق كالبطيخ والخيار والباقلاء، وكذلك لو رش في الطريق ماء، الباب واحد في أن يضمن جميع ذلك.
وأما إن وضع جرة على جدار داره فسقطت وأتلفت فلا ضمان عليه، لأنه إنما وضعها في ملكه، فهو كما لو كان الحائط مستويا فوقع دفعة واحدة فإنه لا ضمان عليه.
إذا مر رجل بين الرماة وبين الهدف فأصابه سهم من الرماة فهو قتل خطأ، لأن الرامي ما قصده وإنما قصد الهدف، فإن كان مع هذا المار صبي فقربه إلى طريق السهم فوقع فيه السهم فقتله، فعلى من قربه الضمان دون الرامي، لأن الرامي ما قصده، والذي قربه عرضه لذلك، ويفارق الممسك والذابح فإن الضمان على الذابح لأنه قصد القتل وكان منه، وهاهنا الرامي ما قصد القتل، وإنما الذي قربه هو الذي أتلفه، فلهذا كان عليه الضمان، فالذي قربه هاهنا كالذابح، والرامي كالممسك وفيها نظر.
فصل: في مسألة الزبية:
إذا كان جماعة على رأس بئر فهوى واحد منهم فجذب ثانيا وجذب الثاني ثالثا فوقعوا فيها وماتوا، فالحكم فيهم يسهل به تقديم كلام عليها.
وجملته إذا حصل رجل في بئر مثل أن وقع فيها أو نزل لحاجة فوقع فوقه آخر نظرت، فإن مات الأول فالثاني قاتل كما لو رماه بحجر فقتله، إذ لا فرق بين أن يرميه بحجر فيقتله وبين أن يرمي نفسه عليه فيقتله.