أتى عليه، لأنه ترك قصده وكان القاصد ظالما فله أن يدفعه عن نفسه.
فصل: في الضمان على البهائم:
الماشية إذا أفسدت زرعا لقوم فليس يخلو: إما أن تكون يد صاحبها عليها أو لا تكون، فإن كانت يده عليها فعليه ضمان ما أتلفت لأن جنايتها كجنايته، وفعلها كفعله، وإن لم يكن يد صاحبها عليها لم يخل: إما يكون ذلك ليلا أو نهارا.
فإن كان نهارا فلا ضمان على مالكها إجماعا لقوله عليه السلام: جرح العجماء جبار، وقال بعضهم: إن هذا فيما كانت عادة الناس فيه هذا، فأما هذه القرى العامرة التي يتقارب العرجان فيها وبينها علف وكلأ يرعى، فالعادة أن رب الدابة يرعاها فيه ويحفظها ولا يحفظ رب الزرع زرعه، فإذا أفسدت زرعا لزمه ضمانه لمالكه، لأن التفريط كان منه والأول مذهبنا.
وإن أفسدت ليلا فإن لم يكن من صاحب البهيمة تفريط في حفظها، بأن آواها إلى مبيتها وأغلق عليه الباب، فوقع الحائط أو نقب لص نقبا فخرجت وأفسدت فلا ضمان على مالكها، لأنه غير مفرط، وإن كان التفريط منه بأن أرسلها نهارا وواصله بالليل أو أطلقها ابتداء ليلا فأفسدت الزرع، فعلى مالكها الضمان عندنا و عند جماعة، وقال قوم: لا ضمان عليه.
إذا كان لرجل كلب عقور فلم يحفظه فأتلف شيئا كان عليه ضمانه، لأنه مفرط في حفظه، وكذلك لو كان له سنور معروفة بأكل الطيور وغير ذلك من أموال الناس فعليه حفظها، فإن لم يفعل وأتلف شيئا فعليه ضمانه.
وأما إن كان في دار رجل كلب عقور فدخل رجل داره بغير إذنه فعقره فلا ضمان عليه لأن الرجل مفرط في دخول داره بغير إذنه، وأما إن دخلها باذنه فعقره الكلب فعليه ضمانه، وقال قوم: لا ضمان عليه، والأول مذهبنا نصا.
إذا كان راكبا دابة فعليه ضمان ما يتلف بيديها أو بفيها أو برجلها أو بذنبها، وكذلك إن كان قائدا أو سائقا فحكمه كما لو كان راكبا عليه ضمان ما يتلفه، وكذلك