عدا هذه الأشياء، فإن حرقة بالنار حرق بمثلها عندهم، وكذلك الماء والحبس.
فإذا فعل به مثل ما فعل فإن مات فذاك، وإن لم يمت فما ذا يصنع به؟ قال قوم: يوالي عليه بذلك حتى يموت، إلا إذا قتله بقطع اليدين، والجائفة فإنه يصنع به مثل ما صنع، فإن مات وإلا فقد تعذرت الموالاة فيما كان منه، لأنه لا محل لها سوى هذا فيقتل بالسيف، وقال آخرون: يفعل به مثل ذلك، فإن مات وإلا قتل بالسيف، وقد بينا أن عندنا في جميع ذلك لا يقتل إلا بالسيف.
إذا جرحه فسرى إلى نفسه ومات، ووجب القصاص في النفس، فهل يجب القصاص في الجرح أم لا؟ لم يخل الجرح من أحد أمرين: إما أن يكون جرحا لو انفرد وجب فيه القصاص أو لا قصاص فيه لو انفرد، فإن كان لو انفرد فيه القصاص إذا سرى إلى النفس كان وليه بالخيار بين أن يقتل وبين أن يقتص في الجرح، ثم يقتل، وقال قوم: ليس له غير القتل، وهو مذهبنا.
وإن كان مما لو انفرد واندمل لا قصاص فيه مثل الهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة، وقطع اليدين من بعض الذراع، والرجل من نصف الساق، فهذه إذا صارت نفسا قال قوم: ليس له القصاص، وقال قوم آخرون: له ذلك، وعلى ما قلناه ليس له ذلك.
فصل: في القصاص والشجاج وغير ذلك:
قد مضى الكلام في القصاص في النفس، وهاهنا القصاص فيما دون النفس، قال الله تعالى: النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف... إلى قوله:
والجروح قصاص، ففصل الأعضاء وعم في آخر الآية.
في القصاص فيما دون النفس شيئان: جرح يشق، وعضو يقطع، فأما العضو الذي يقطع فكل عضو ينتهي إلى مفصل كاليد والرجل والعين والأنف واللسان والأذن والذكر، ففي كلها قصاص لأن لها حدا ينتهي إليه.
وإنما يجب القصاص فيها بثلاثة شرائط: