يبين كذبه فإذا عرفنا مدى صوته سددنا الصحيحة وأطلقنا العليلة، ولا يزال يكلمه حتى ينتهي إلى حيث يقول أنه لا يسمع، فإذا قال هذا أعيد عليه الكلام ليظهر صدقه، فإذا عرفنا هذا مسحنا المسافتين معا، ونظرنا ما بينهما، فأوجبنا عليه بالحصة من الدية، وهذا مثل ما رواه أصحابنا من اعتبار الخرس من أربع جوانب.
فأما إن قطع أذنيه فذهب سمعه كله فعليه ديتان دية في الأذنين ودية في السمع.
[دية العقل] في العقل الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام في كتاب عمرو بن حزم: وفي العقل الدية، وروى جابر عنه عليه السلام مثله.
فإذا ثبت ذلك، فإن ذهب عقله كله ففيه الدية وإن ذهب بعضه فإن كان مقدرا وإنما يعرف هذا بأن يجن يوما ويفيق يوما فيعلم أن نصفه قد ذهب أو يجن يوما ويفيق يومين، أو يجن يومين ويفيق يوما، فإذا كان معروفا بالزمان أوجبنا من الدية بحسابه، وإن كان الذاهب من عقله غير مقدر، مثل أن صار يخاف من غير خوف، ويفزع من الصياح، ويستوحش في غير موضعه، فهذا مدهوش لا يعلم قدر ما زال من عقله، فالواجب فيه أرش الجناية على ما يراه الحاكم.
ومتى جنى عليه جناية ذهب بها عقله لم يخل الجناية من أحد أمرين: إما أن يكون فيها أرش أو لا أرش فيها.
فإن لم يكن فيها أرش كاللطمة واللكمة ودق الرأس بما لا يشج ولا يكسر شيئا فليس في شئ من هذا أرش، وإنما عليه التعزير فيعزر وعليه دية العقل كاملة.
وإن كانت الجناية لها أرش قال قوم: لا يدخل أرشها في دية العقل، سواء كان أرشها دون دية العقل، كالموضحة والمنقلة والمأمومة وغيرها، أو كان مثل