الأول قد كذبه فيه، وأسقط اللوث في حقه، فيكون القول قوله للابن الثاني، فإن حلف برئ وإن لم يحلف حلف الابن الثاني عليه، واستحق ربع الدية.
إذا قال أحد الابنين: قتل أبي عبد الله بن خالد، ورجل آخر لا أعرفه، وقال الآخر: زيد بن عامر ورجل لا أعرفه، فليس هاهنا تكذيب لأنه يكون الذي جهله كل واحد منهما هو الذي عرفه الآخر، ويحتمل غيره فلا يقع التكذيب مع الاحتمال فيحلف كل واحد منهما على من عينه بالدعوى ويستحق عليه ربع الدية.
فإن عاد بعد هذا فقال كل واحد منهما: قد عرفت الرجل الآخر الذي ما كنت أعرفه وهو الذي عينه أخي، فقال صاحب عبد الله بن خالد: الرجل الآخر هو زيد بن عامر، وقال صاحب زيد بن عامر: الرجل الآخر هو عبد الله بن خالد، قلنا: فيحلف كل واحد منهما على من عرفه بعد أن جهله ويستحق ربع الدية وكم يحلف؟ قال قوم: خمسين يمينا، وقال آخرون: خمسا وعشرين يمينا، لأنهما يحلفان على ثان.
فإن كانت بحالها فعاد كل واحد منهما فقال الذي كان مع عبد الله بن خالد: قد عرفته وليس هو زيد بن عامر، وقال الآخر الذي كان مع زيد بن عامر:
قد عرفته وليس هو عبد الله بن خالد، قلنا: فقد كذب كل واحد منهما صاحبه في الذي عينه، وكذبه في الذي استدركه.
فمن قال: لا يقدح التكذيب في اللوث قال: فقد استقر ما أقسما عليه أولا ويحلف كل واحد منهما على الذي استدركه ويستحق ربع الدية، وكم يحلف كل واحد منهما؟ قال قوم: خمسين يمينا، وقال آخرون: خمسا وعشرين يمينا.
ومن قال: التكذيب يقدح في اللوث، قال: بطلت القسامة على عبد الله بن خالد وعلى زيد بن عامر لأنا قد بينا أنهما قد أقسما عليهما بلا لوث ويسترد من كل منهما ما أخذه منه، وبطلت القسامة في المستدرك أيضا لأن كل واحد يمنع ما يثبت صاحبه.