له أمينا يستوفي له اليمين فيحتاط له، لأن موضوع أمر الطفل والمجنون على هذا، ألا ترى أن من ادعى حقا على صبي أو مجنون أو غائب أو ميت وأقام به البينة، لم يقض له بها حتى يحلف مع بينته احتياطا لمن لا يعبر عن نفسه، ولو كان ممن يعبر عن نفسه لم يحلف المدعي مع يمينه فلهذا يحتاط في اليمين.
وأيضا فإن هذه اليمين مفروضة في من أطلق الدعوى وإذا سمعت منه مطلقة غير محررة حررت على الحالف، وقد يجوز أن تسمع الدعوى غير محررة في الدم، فعلى هذا يحتاج إلى هذا التحرير، ومن قال: لا تسمع إلا محررة لا يحتاج إلى هذا التفصيل.
قد ذكرنا أنه يحلف " والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "، وقد قلنا: إن هذه الزيادة على سبيل الاحتياط والتغليظ باللفظ، ليقع بها الزجر والردع، وإن اقتصر على قوله " والله " أجزأه لأن ذلك قدر اليمين بلا خلاف، ولقوله تعالى: " أربع شهادات بالله " ولقول النبي عليه السلام: والله لأغزون قريشا، ولقوله عليه السلام للأعرابي الذي طلق زوجته: والله ما أردت إلا واحدة، وقوله لابن مسعود حين أخبره بقتل أبي جهل فقال: والله إنك قتلته؟
فقال: والله إني قتلته، فاقتصر في جميع ذلك على الحلف بالله وحده.
فأما إذا لم يكن له لوث فاليمين في جنبة المدعى عليهم، وإنما تصح الدعوى إذا عين المدعى عليه إن كان واحدا أو جماعة يتأتى منهم الاشتراك في قتله، فأما إن ادعي على خلق لا يتأتى منهم الاشتراك في قتله مثل أن ادعي أن أهل بغداد اشتركوا في قتله لم تقبل منه هذه الدعوى لأنه يدعي المحال.
وكل موضع سمع دعواه فهل يغلظ الأيمان عليه أم لا؟ قيل فيه قولان: فمن قال: لا يغلظ، حلف كل واحد يمينا ولو كانوا ألفا، وإذا قيل: يغلظ، فإن كان واحدا حلف خمسين يمينا، وإن كانوا جماعة قال قوم: يحلف كل واحد خمسين يمينا، وقال آخرون: يحلف الكل خمسين يمينا على عدد رؤوسهم.
قد مضى أن المحجور عليه إذا أقر بالقتل فإن كان عمدا يوجب القود قتل،