إذا قتل رجل وهناك لوث وخلف ابنين كبيرا وصغيرا أو كبيرين حاضرا وغائبا أو كبيرين حاضرين، فادعى القتل أحدهما وكذبه أخوه فقال: ما قتل هذا أبانا، كان للكبير أن يحلف قبل بلوغ الصغير، وللحاضر أن يحلف قبل قدوم الغائب.
وأما المكذب فهل له أن يحلف أم لا؟ اختلفوا في هذا التكذيب، هل يقدح في اللوث أم لا؟ على قولين: أحدهما: لا يقدح فيه، ويكون تكذيب أخيه ساقطا، وقال آخرون: يقدح في اللوث، فعلى هذا يسقط اللوث، وتكون دعوى دم بلا لوث، فمن قال: يقدح في اللوث فلا كلام، ومن قال: لا يقدح في اللوث، وهو الأقوى عندي قال: يكون المكذب كالكبير مع الصغير، والحاضر مع الغائب، فلكل واحد منهما أن يحلف.
فإذا ثبت أن له أن يحلف فلا يثبت له حق بأقل من خمسين يمينا لأن القسامة لا تفتتح بأقل من خمسين يمينا وكان الخمسون في القسامة كاليمين الواحدة في الأموال، ثم ثبت أنه لو ادعى مالا حلف يمينا واحدة، فوجب أن يقسم هاهنا خمسين يمينا فإذا حلف هذا خمسين يمينا وأخذ نصيبه من الدية ثم كبر الصغير أو قدم الغائب وأراد أن يطالب بحقه حلف واستحق، وكم يحلف؟ فمن قال: يحلف كل واحد خمسين يمينا، حلف هذا خمسين يمينا كما لو كان كبيرا معه، ومن قال: يحلف الكل خمسين يمينا، حلف هذا خمسا وعشرين يمينا كما لو كان حاضرا معه، وقيل: يحلف الكل خمسين يمينا، ويفارق الأول حين قلنا:
يحلف خمسين يمينا، لأنه افتتح القسامة، فلهذا لم يقبل منه إلا خمسين يمينا، وإذا قدم ثالث ورابع وأكثر فعلى هذا المنهاج.
إذا خلف ثلاث بنين وهناك لوث فمات أحدهم وخلف ابنين لم يخل من أحد أمرين: إما أن يموت قبل أن يبتدئ باليمين، أو في أثناء اليمين.
فإن مات قبل أن يبتدئ باليمين قام وارثه مقامه، لأن الوارث يقوم مقام مورثه في الحجج والبراهين، بدليل أنه لو مات وخلف دينا له به شاهد واحد