ويقتل الثاني به لأنه قطع سراية الأول بدلالة أنه لا يتجدد منه الألم بعد قطع الثاني.
دليلنا: أن القتل حدث عن القطعين وألمهما باق فليس بأن يضاف إلى الثاني بأولى من أن يضاف إلى الأول، فالواجب أن يضاف إليهما إذ لا ترجيح.
مسألة 54: إذا قطع رجل يد غيره من الكوع وجاء آخر فقطع ذراعه من المرفق ثم أراد القصاص من قاطع الذراع نظر فيه: فإن كان له ذراع بلا كف قطع به بلا خلاف، وإن أراد دية كان له نصف الدية إلا قدر حكومة ذراع لا كف له، وإن كان القاطع كاملا وليس له ذراع بلا كف عليها وأراد قطعه من المرفق كان له ذلك وعليه أن يرد عليه دية اليد من الكوع، وللشافعي فيه قولان:
أحدهما له قطع ذلك ولم يذكر رد شئ، والآخر ليس له أن يقطع من المرفق بحال.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا قوله: والجروح قصاص، وذلك عام.
مسألة 55: إذا قتل غيره بما يجب فيه القود من السيف والحرق والغرق أو الخنق أو منع الطعام أو الشراب وغير ذلك مما ذكرناه، فإنه لا يستقاد منه إلا بحديد ولا يقتل كما قتل.
وقال الشافعي: في جميع ذلك يقتل بمثل ما قتل، وقال أبو حنيفة: لا يستقاد منه إلا فيما قتل، بمثل الحديد أو النار وما عداهما لا يوجب القود ولا يستقاد منه إلا بالحديد مثل ما قلناه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قوله عليه السلام: لا قود إلا بحديدة، وهذا خبر معناه النهي، واستدل الشافعي بقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، وبقوله عز وجل: كتب عليكم القصاص،