لأطللنا دمه، ولو قلنا بقول أبي حنيفة لكان قويا لأن الدية لا تثبت عندنا إلا بالتراضي بينهما وقد فات ذلك.
مسألة 51: إذا قتل اثنان رجلا وكان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الآخر لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون القود لم يجب على أحدهما لمعنى فيه أو في فعله فإن كان المعنى فيه مثل أن شارك أجنبيا في قتل ولده أو نصرانيا في قتل نصراني أو عبدا في قتل عبد فعلى شريكه القود دونه.
وإن كان القود لم يجب عليه لمعنى في فعله مثل أن كان عمدا محضا شارك من قتله خطأ أو عمدا فلا قود على واحد منهما، وبه قال الشافعي.
وقال مالك: على العامد القود سواء سقط عن شريكه لمعنى فيه أو في فعليه، وبه قال الحسن البصري والنخعي.
وقال أبو حنيفة: لا قود عليه سواء سقط القود عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله.
دليلنا على مالك: ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ألا إن في قتيل العمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها فأوجب في عمد الخطأ الدية وهذا عمد الخطأ لأنها روح خرج عن عمد خطأ، وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم.
دليلنا على أبي حنيفة: قوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل، وهذا قد قتل ظلما فوجب أن يكون لوليه سلطانا، وأيضا قوله عليه السلام: ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية، ولم يفصل.