مسألة 52: إذا قتل رجل عمدا ووجب القود على قاتله وله ابنان أو أكثر من ذلك كان لهم قتله قودا مجتمعين بلا خلاف، وعندنا أن لكل واحد من أوليائه قتله منفردا ومجتمعا، ولا يقف ذلك على إذن الباقين، فإن بادر أحدهم فقتله لا يخلو الباقون من أحد أمرين: إما أن يكونوا عفوا عن نصيبهم أو لم يعفوا، فإن لم يعفوا ضمن هذا القاتل نصيبهم من الدية، وإن كانوا قد عفوا ضمن بمقدار ما عفا الأولياء المقاد منهم من الدية، ولا يجب عليه القود بحال سواء علم بعفوهم أو لم يعلم أو حكم الحاكم بسقوط القود أو لم يحكم، لأن حكم الحاكم بسقوط القود إذا عفا بعضهم باطل لا يجب المصير إليه، وهو أحد الروايات عن مالك.
وقال الشافعي وباقي الفقهاء: إنه إذا عفا أحدهم سقط القود، فإن بادر أحدهم فقتله فإن كان قبل عفو الباقين فهل عليه القود أم لا؟ على قولين، وإن قتله بعد عفوه قبل حكم الحاكم، فإن كان قبل علمه بالعفو فهل عليه القود أم لا؟ على قولين، والصحيح أن عليه القود، والصحيح في التي قبلها أنه لا قود عليه، وإن قتل بعد العفو بعد العلم فمبنية على ما قبلها، فإن قلنا عليه القود قبل العلم فهاهنا أولى، فإذا قلنا " لا قود " فهاهنا على قولين " هذه ثلاث مسائل على قولين ".
وإن قتل بعد حكم الحاكم فعليه القود قولا واحدا علم بحكمه أو لم يعلم، وإن عفوا معا عنه ثم عادا أو أحدهما فقتله فعلى من قتله القود فهذه وفاق ولا خلاف فيها " فهذه ثلاث مسائل على قول واحد ".
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وقد ذكرناها، وأيضا قوله: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، ولم يفرق بين الاجتماع والانفراد.
مسألة 53: إذا قطع يد رجل من الكوع ثم قطع آخر تلك اليد من المرفق قبل اندمال الأول ثم سرى إلى نفسه فمات، فهما قاتلان عليهما القود، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: الأول قاطع والثاني هو القاتل، يقطع الأول ولا يقتل