حتى بان أمره.
فإن لم يصبر لم يخل من أحد أمرين: إما أن يطالب بالقصاص أو بالدية.
فإن طالب بالقصاص فلا قصاص، لأنا لا نعلم فيما وجب له القصاص، فإنه يحتمل أن يكون له القصاص في الذكر والأنثيين، ويحتمل أن يكون أنثى فلا قصاص له بحال.
وإن قال: أطالب بالدية، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يطالب بالدية ويعفو عن القصاص، أو لا يعفو.
فإن طالب بها وعفا عن القصاص صح عفوه عن القصاص وأعطى من الدية اليقين - وهو دية الشفرين -، لأنا نقطع أن حقه لا يقصر عنهما، ويعطيه حكومة في الذكر والأنثيين، لأنه اليقين، فإن بان امرأة فقد استوفى حقه، وإن بان رجلا بان أنه يستحق دية في الذكر، ودية في الأنثيين، وحكومة في الشفرين فيكمل ذلك له مع الذي استوفاه.
وأما إن قال: أطالب بالدية ولا أعفو عن القصاص حتى يتبين الأمر، قلنا له:
لا دية لك مع بقاء القصاص، لأنه إن كان كل القصاص في الذكر والأنثيين فلا دية لك في الشفرين فمن المحال أن يكون لك الدية مع بقاء القصاص.
فإن قال: فإذا لم يكن لي دية فهل أستحق أن آخذ حكومة ما أم لا؟ قال بعضهم: لا يعطي شيئا بحال، لأنا نجهل حكومة ما ذا تستحق، لأنه إن كان ذكرا فله حكومة الشفرين، وإن كان أنثى فله حكومة الذكر والأنثيين، فإذا جهلنا الحكومة في ذلك فلا حكومة لك، وقال آخرون - وهو الأصح -: إن له حكومة، لأن الجهل بعين الحكومة ليس جهلا بأن له حكومة، وأن حقه لا ينفك عن حكومة، سواء بان امرأة أو رجلا، فعلى هذا يجب أن يدفع إليه حكومة.
فمن قال: لا يدفع إليه فلا كلام، ومن قال: له حكومة، فما هي؟ قال بعضهم: له حكومة ما قطع منه آخرا لأنه يكون تقويما بعد الجناية والتقويم بعد الجناية دون التقويم قبلها، وليس بشئ، والصحيح أن يعطي حكومة الشفرين،