إذا وجب القصاص لاثنين فعفا أحدهما عن القصاص لم يسقط حق أخيه عندنا، وله أن يقتص إذا رد على أولياء القاتل قدر ما عفا عنه، ويسقط حقه فقط، وقال بعضهم: يسقط حقه وحق أخيه، وادعوا أنه إجماع الصحابة، وقد بينا أنا نخالف فيه قالوا: إذا ثبت ذلك فإن حق الذي لم يعف ثبت في الدية، وأما حق العافي سقط من القصاص، ويثبت له المال إن عفا على مال أو مطلقا، وإن عفا على غير مال سقط المال.
إذا وجب القصاص لمفلس لم يخل من أحد أمرين: إما أن يجب له قبل الحجر عليه أو بعده.
فإن كان قبل الحجر فهو كالموسر، وفيه المسائل الثلاث، إن عفا على مال ثبت المال، وإن عفا على غير مال سقط، وإن عفا مطلقا عندنا يسقط، وقال بعضهم: لا يسقط المال.
وأما إن كان بعد الحجر عليه، فالحكم فيه وفي من مات وعليه دين وخلف قودا وفي المحجور عليه لسفه وفي المريض سواء، والكلام في هؤلاء الأربعة نتكلم عليهم في الجملة.
فلهم العفو عن القود، فإذا عفوا ففيه المسائل الثلاث، إن عفوا على مال ثبت المال وإذا وجب صرف في حقه، أما المفلس فيقسم الدية بين الغرماء، وكذلك وارث الميت والمحجور عليه لسفه يستوفيه له وليه، والمريض يستوفيه لنفسه كسائر الأموال، وإن عفوا مطلقا فمن قال: أوجب أحد شيئين، ثبت المال وصرف في حقوقه على ما مضى، ومن قال: يوجب القود فقد سقط حق القود، ولم يجب المال، وليس للغرماء إجباره على العفو على مال لأنه إنما يجب بالاختيار والاختيار اكتساب، فليس لهم إجباره على اكتساب المال، فإن عفوا على غير مال فإن المفلس ووارث الميت الذي عليه الدين والمحجور عليه لسفه الحكم فيهم واحد، وهو كما لو عفوا مطلقا وقد مضى شرحه.
والذي رواه أصحابنا أنه إذا كان عليه دين لم يكن لوليه العفو على غير مال،