الإمام عندنا لا يأمر بقتل من لا يستحق القتل لعصمته، وأجاز الفقهاء ذلك بناء على مذهبهم، فأما خليفة الإمام فيجوز فيه ذلك، والحكم فيهما سواء بلا خلاف، فيفرض في خليفة الإمام.
فإذا أمر خليفة الإمام رجلا بقتل رجل بغير حق نظرت: فإن كان المأمور عالما بذلك لم يجز له قتله، ولا يحل له أن يطيعه لقوله عليه السلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن خالف وقبل منه وأطاعه في قتله فعلى القاتل القود والكفارة، لأنه قد قتله صبرا، والآمر لا قود عليه ولا كفارة لكنه آثم بما فعل وعصى بلا خلاف.
وإن كان المأمور يعتقد أن قتله حق وأن الإمام أو خليفته لا يقتل إلا بحق وأن طاعته فيما أمر به من هذا واجبة، فلا قود على المأمور عندهم، لأنه فعل ما هو عنده فرض وطاعة، وعلى الآمر القود لأن المأمور كالآلة، فإذا أمر بقتله فكأنه استعمل آلته في قتله، فكان عليه القود، والولي بالخيار بين القصاص والعفو، ولم يذكر فيه خلاف، والذي يقتضيه مذهبنا أن على المأمور القتل لأنه المباشر، للظواهر كلها.
فأما إن أكرهه على قتله فقال: إن قتلته وإلا قتلتك، لم يحل له قتله، وإن كان خائفا على نفسه، لأن قتل المؤمن لا يستباح بالإكراه على قتله، فإن خالف وقتل فقد أتى كبيرة بقتل نفس محترمة، فأما الضمان فعندنا أن القود على القاتل، وعند قوم منهم، وقال بعضهم: عليه وعلى الآمر القود، كأنهما باشرا قتله واشتركا فيه.
فإن اختار الولي قتلهما معا كان له، وإن عفا عنهما فعلى كل واحد منهما نصف الدية، والكفارة، وقال آخرون: على الآمر القود وحده، وعلى المكره نصف الدية، فإن عفا الولي عن الإمام فعليه نصف الدية، وعلى كل واحد منهما الكفارة، فلا يختلف قول الفريقين أن الدية عليهما نصفين وأن على كل واحد منهما الكفارة، وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف.