فصل: في بيع المصراة:
المصراة أن يترك حلب الناقة أو البقرة أو الشاة يوما ويومين فيجتمع في ضرعها لبن كثير، ثم يحملها إلى السوق فإذا نظر المشتري إلى ضرعها رآه كبيرا ولبنها غزيرا، فيظن أنه لبنها في كل يوم فيزيد في ثمنها، فإذا حلبها ونقص لبنها ووقف على التصرية، كان بالخيار إن شاء ردها وإن شاء رضي بها، وإذا ردها ردها مع صاع من تمر عوضا عن اللبن.
وسميت مصراة لجمع اللبن في ضرعها يقال: صرى الماء في الحوض والطعام في السوق والماء في الظهر إذا لم يتزوج، وسميت الصراة بهذا الاسم لاجتماع الماء فيها، وتسمى أيضا محفلة - والتحفيل هو الجمع - وتسمى مجامع الناس محافل.
وتكون مدة الخيار ثلاثة أيام مثلها في سائر الحيوان، وعوض اللبن التمر أو صاع من البر لنص النبي صلى الله عليه وآله، فإن تعذر وجبت قيمته وإن أتى على قيمة الشاة، ولا اعتبار بفضل الأقوات، وسائر البلاد في هذا الباب بمنزلة المدينة، ويلزم قيمتها ولا يلزم قيمة المدينة لأنه لا دليل عليه.
وإذا كان لبن التصرية باقيا لم يشرب منه شيئا فأراد رده مع الشاة لم يجبر البائع عليه، وإن قلنا: إنه يجبر عليه لأنه عين ماله، كان قويا، والتصرية في البقرة بمنزلتها في الإبل والشاة، والتصرية في الجارية لا تصح لأنه لا دليل عليه وحملها على البقرة والناقة والشاة قياس.
وإذا صرى أتانا لم يكن له حكم التصرية لمثل ذلك لا لأجل نجاسة لبنها لأن لبنها طاهر عندنا.
وإذا اشترى شاة مصراة مع العلم بالتصرية لم يكن له الخيار لمكان التصرية.
وإذا اشترى شاة وهي مصراة فثبت لبنها وصار لبن العادة بتغير المرعى زال الخيار لأن العيب قد زال، فإن رضيها المشتري وحلبها زمانا ثم أصاب بها عيبا