إما أن يكون طعاما أو غيره.
فإن كان طعاما مثل الشعير والذرة والأرز فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون في الذمة أو عينا، فإن كان في الذمة نظر: فإن كان عينه قبل التفرق وقبضه جاز، وإن فارقه قبل قبضه وتعيينه فلا يجوز لأن ذلك يصير بيع دين بدين، وقد نهى عليه السلام عن بيع الكالئ بالكالي.
وإن كان غير الطعام مثل الدراهم والدنانير والثياب والحيوان فإنه يجوز، فإن كان في الذمة ثم قبضه جاز في المجلس، وإن كان في الذمة وفارقه قبل القبض لم يجز لأنه باع دينا بدين، وإن كان معينا وفارقه قبل القبض فإنه يجوز، كما إذا باعه طعاما بعينه بثمن في الذمة وافترقا قبل التقابض صح.
إذا كان له في ذمة غير طعام فباعه منه طعاما بعينه ليقبضه منه الطعام الذي له في ذمته، لم يصح، لأنه شرط قضاء الدين في ذمته من هذا الطعام بعينه وهذا لا يلزمه، ولا يجوز أن يجبر على الوفاء به، وإذا كان كذلك سقط الشرط وكان فاسدا لأن الشرط الفاسد إذا اقترن بالبيع فسد البيع، لأن الشرط يحتاج أن يزيد بقسطه من الثمن وهذا مجهول ففسد البيع، ولو قلنا: يفسد الشرط ويصح البيع، كان قويا.
إذا باع منه طعاما بعشرة دراهم على أن يقبضه الطعام الذي له عليه أجود منه فإنه لا يصح لأن الجودة لا يجوز أن تكون ثمنا بانفرادها، وإن قضاه أجود ليبيعه طعاما بعينه بعشرة لم يجز.
إذا باع طعاما بعشرة مؤجلة فلما حل الأجل أخذ بها طعاما جاز إذا أخذ مثل ما أعطاه، وإن أخذ أكثر لم يجز، وقد روي أنه يجوز على كل حال.
إذا أقرض غيره طعاما بمصر فلقيه بمكة وطالبه به لم يجبر على دفعه لأن قيمته تختلف، وإن طالبه المستقرض بقبضه منه لم يجبر المقرض على قبضه لأن عليه في حمله مؤونة وإن تراضيا عليه جاز، وإن طالبه بقيمته بمصر أجبر على دفعها لأنه يملك ذلك.