كالحج والعمرة الواجبتين، والندب كالحج المتطوع والعمرة كذلك والزيارات وغير ذلك من بر الوالدين وصلة الأرحام، فهذين السفرين يستحق الصدقة بلا خلاف، والمباح يجري هذا المجرى على السواء، وفي الناس من منع من ذلك.
وأما السفر إذا كان معصية لقطع طريق أو قتل مؤمن أو سعاية وما أشبه ذلك فإنه لا يستباح به الصدقة ولا يستحقها بلا خلاف.
فإذا ثبت هذا، فابن السبيل متى كان منشئا من بلده ولم يكن له مال أعطي من سهم الفقراء عندنا، وعندهم من سهم ابن السبيل، وإن كان له مال لا يدفع إليه لأنه غير محتاج بلا خلاف، وإن كان مجتازا بغير بلده وليس معه شئ دفع إليه وإن كان غنيا في بلده لأنه محتاج في موضعه، فإذا دفع إليه فإنه يدفع بقدر كفايته لذهابه ورجوعه ثم ينظر، فإن صرف ذلك في سفره وقع موقعه، وإن بدا له من السفر وأقام استرجع منه.
وإن دفع إليه قدر كفايته فضيق على نفسه حتى فضل له فضل ووصل إلى بلده استرجع منه لأنه غني في بلده. والغازي إذا ضيق على نفسه وفضل معه فضل إذا فرع من غزوه لا يسترجع منه لأنه يعطي مع الغنى والفقر.
وأهل الأصناف على ثلاثة أقسام: أحدها: من يقبل قوله في استحقاقه الصدقة من غير بينة، ومن لا يقبل إلا ببينة، ونحن نذكر ذلك على ترتيب الأصناف: فالفقراء والمساكين إذا ادعى إنسان أنه منهم وطلب أن يعطي من الصدقة، فإن لم يكن عرف له مال فالقول قوله ويعطي من غير بينة ولا استحلاف لأن الأصل عدم المال، وإن عرف له مال وادعى ذهابه وتلفه لم يقبل قوله إلا ببينة لأن الأصل بقاء المال.
وأما العامل، فإن خرج وعمل استحق، وإن لم يعمل فلا شئ له، وكذلك في المؤلفة قلوبهم لأن أمرهم ظاهر.