فضل عن الجميع بقدر حاجتهم وكفايتهم صرفه إلى مستحقي أقرب البلاد إليه، ثم لا يزال كذلك حتى يستوفي تفرقة مال الصدقة، وإن نقص عن قدر كفاياتهم فرقها على حسب ما يراه ويتم سهام الباقين من سهام المصالح أو من بيت مال الصدقة.
والغنى الذي يحرم معه أخذ الصدقة أن يكون قادرا على كفايته وكفاية من يلزمه كفايته على الدوام، فإن كان مكتفيا بصنعة وكانت صنعته ترد عليه كفايته وكفاية من تلزمه نفقته حرمت عليه، وإن كانت لا ترد عليه حل له ذلك، وهكذا حكم العقار.
وإن كان من أهل الصنائع احتاج أن يكون معه بضاعة ترد عليه قدر كفايته، فإن نقصت عن ذلك حلت له الصدقة، ويختلف ذلك على حسب اختلاف حاله، حتى إن كان الرجل بزازا أو جوهريا يحتاج إلى بضاعة قدرها ألف دينار أو ألفي دينار فنقص عن ذلك قليلا حل له أخذ الصدقة، هذا عند الشافعي، والذي رواه أصحابنا أنها تحل لصاحب السبع مائة وتحرم على صاحب الخمسين، وذلك على قدر حاجته إلى ما يتعيش به، ولم يرووا أكثر من ذلك، وفي أصحابنا من قال: إن ملك نصابا تجب عليه فيه الزكاة كان غنيا وتحرم عليه الصدقة، وذلك قول أبي حنيفة.
وأما العامل فالإمام مخير بين أن يستأجره إجارة صحيحة بأجرة معلومة، وإن شاء بعثه بعثه مطلقة ويستحق أجرة مثل عمله، فإن استأجره لم يجز أن يزيده على أجرة مثله، وإن بعثه مطلقا فعمل استحق أجرة مثله، ويختلف ذلك باختلاف عمله في طول المسافة وقصرها وكثرة العمل وقلته، وعلى حسب أمانته ومعرفته في الظاهر والباطن. ويعطي الحاسب والوزان والكاتب من سهم العاملين.
والمؤلفة قلوبهم فقد مضى القول فيهم.
والمكاتب، فإن كان معه ما يفي بمال الكتابة لم يعطه شيئا لأنه غير محتاج،