إذا ولى الإمام رجلا عمالة الصدقات وبعث فيها فينبغي أن يعرف عدد أهل الصدقات وأسماءهم وأنسابهم وحلاهم، وقدر حاجتهم، حتى إذا أعطى واحدا منهم أثبت اسمه ونسبه وحليته حتى لا يعود فيأخذ دفعة أخرى، ويعرف قدر حاجتهم حتى يقسم الصدقة بينهم على ذلك.
ثم يبتدئ فيفرع أولا من جبايتها، فإذا تكاملت تشاغل بتفرقتها عقيب حصولها، ولا تؤخر فربما استضر بتأخرها، وربما تلفت الصدقة فيلزمه غرامتها.
فإذا عرف ذلك وحصلت الصدقات، فإن كانت الأصناف كلهم موجودين فالأفضل أن يفرقها على ثمانية أصناف كما قال الله تعالى، وإن سوى بينهم جاز، وإن فضل صنفا على صنف كان أيضا جائزا، وإن فقد منهم صنفا قسمها على سبعة، وإن فقد صنفين قسمها على ستة، ولو أنه قسم ذلك في صنف من أرباب الصدقة على حسب ما يراه من المصلحة كان جائزا، وتفضيل بعضهم على بعض أيضا جائز وإن كان الأفضل ما قلناه.
وينبغي أن يبدأ أولا فيخرج منه سهم العامل لأنه يأخذ عوض عمله، فإن كان قدر الصدقة وفق أجرته دفع إليه، وإن كان أكثر صرف الفضل إلى باقي الأصناف، وإن كان أقل تممه الإمام من المصالح.
وإن احتيج إلى كيال أو وزان في قبض الصدقة فعلى من تجب؟ قيل: فيه وجهان: أحدهما: على أرباب الأموال لأن عليهم إيفاء الزكاة، كأجرة الكيال والوزان في البيع على البائع. والآخر: إنه على أرباب الصدقات لأن الله تعالى أوجب عليهم قدرا معلوما من الزكاة، فلو قلنا أن الأجرة تجب عليهم لزدنا على قدر الواجب، والأول أشبه.
وإن تولى الإمام تفرقتها أعطى العامل أجرته وصرف الباقي في باقي الأصناف على قدر حاجاتهم وكفاياتهم، فإن كانوا فقراء فعلى قدر كفايتهم، وإن كانوا غارمين فعلى قدر ديونهم، وإن كانوا غزاة فعلى قدر حاجتهم لغزوهم.
فإذا فرق في صنف قدر حاجتهم وكفايتهم وفضل فرق في الباقين، وإن