ولو قصد الزراعة، كفى في تمليكها التحجير بمرز أو مسناة وسوق الماء إليها بساقية أو ما شابهها. ولا يشترط حراثتها ولا زراعتها، لأن ذلك انتفاع كالسكنى.
ولو غرس أرضا فنبت فيها الغرس، وساق إليها الماء، تحقق الإحياء وكذا لو كانت مستأجمة (26) فعضد شجرها أو أصلحها. وكذا لو قطع عنها المياه الغالبة، وهيأها للعمارة، فإن العادة قاضية بتسمية ذلك كله إحياءا، لأنه إخراجها بذلك إلى حد الانتفاع، الذي هو ضد الموت. ومن فقهائنا الآن من يسمي التحجير إحياء، وهو بعيد.
الطرف الثالث في المنافع المشتركة: وهي: الطرق، والمساجد، والوقوف المطلقة كالمدارس والمساكن.
أما الطرق: ففائدتها الاستطراق. والناس فيها شرع (27)، فلا يجوز الانتفاع فيها بغيره، إلا ما لا يفوت به منفعة الاستطراق، كالجلوس غير المضر بالمارة. وإذا قام بطل حقه. ولو عاد بعد أن سبق إلى مقعده (28)، لم يكن له الدفع.
أما لو قام قبل استيفاء غرضه، لحاجة ينوي معها العود، قيل: كان أحق بمكانه.
ولو جلس للبيع أو الشراء، فالوجه المنع، إلا في المواضع المتسعة كالرحاب نظرا إلى العادة. ولو كان كذلك، فقام ورحله باق، فهو أحق به. ولو رفعه ناويا للعود فعاد، قيل:
كان أحق به، لئلا يتفرق معاملوه فيستضر، وقيل: يبطل حقه، إذ لا سبب للاختصاص، وهو أولى. وليس للسلطان أن يقطع ذلك، كما لا يجوز إحياؤه ولا تحجيره.
وأما المسجد: فمن سبق إلى مكان منه، فهو أحق به ما دام جالسا. فلو قام مفارقا (29)، بطل حقه ولو عاد. وإن قام ناويا للعود، فإن كان رحله باقيا فيه فهو أحق به وإلا كان مع غيره